دعوات دعوات

اللهم أحرق زرعهم!!
اللهم يتم ابناءهم!
اللهم رمل نساءهم!
اللهم اقطع نسلهم!
اللهم خرب ديارهم!
هذه عينة من الدعوات التي لم نتوقف عن سماعها، طوال نصف القرن الماضي على الأقل، من مآذن مساجدنا في نهاية خطبة كل يوم جمعة!
و'هم' يقصد بها 'الآخرون'، أي البشر من غير المسلمين!
وهؤلاء يشكلون القطاع الاكبر الذي يعمل في خدمتنا! فكيف نطالب بقطع نسلهم وتيتيم ابنائهم؟ ومن سيخدمنا ويتولى امر كسلنا وقلة حيلتنا ان ذهبت ريح هؤلاء؟
ويقصد كذلك ب 'هم' الذين قاموا، ويقومون، باستنباط واكتشاف وصنع وحفظ واختراع مختلف الادوية والامصال الطبية لمعالجة ما يصيبنا من امراض وأوبئة وآلام واوجاع! فكيف نطالب بحرق زرعهم وترمل نسائهم؟ ومن الذي سيهتم باصابات الجرب فينا؟
و'هؤلاء' الآخرون هم ايضا اولئك الذين يعينوننا في تجارتنا، ويوفرون لنا، عن طريق الاختراع والصنع والتطوير، مختلف وسائل المواصلات، التي نستعين بها في التواصل مع اهلنا وقضاء حاجاتنا ونقل منتجاتنا! فكيف نطالب بخراب ديارهم وتشتيت شملهم؟
و'هؤلاء' ايضا، يقصد بهم اولئك الذين قاموا، وسيقومون، الى قيام الساعة، باكتشاف واختراع وتطوير مختلف الاجهزة الكهربائية، التي قلبت حياتنا رأسا على عقب ووفرت لنا بيئة سعيدة ومريحة وطيبة وقابلة للعيش، كالمراوح ومكيفات الهواء واجهزة التدفئة وحفظ الاطعمة مبردة لسنوات، وادوات الطبخ والنفخ والاتصال والطرب والكي وتنقية المياه وتطهير البيئة، فكيف نأتي الآن ونطالب جهارا نهارا ومن على منبر، ومن خلال مايكروفونات وامبلفايرات وسماعات قام 'هؤلاء' باختراعها وانتاجها وتطويرها على مدى عقود من الزمن، بترمل نسائهم وخراب ديارهم؟
وان كنا مصرين على ذلك، فهل استعددنا، ولو بنسبة واحد في المليار، لذلك اليوم الذي يحترق فيه زرعهم وتفنى فيه ديارهم، وتذهب ريحهم الى الأبد، لان يكون بامكاننا صنع عود ثقاب أو عود خشب صغير لازالة بقايا ما سيعلق من لحم 'بعارين' بين اسناننا؟
ألم يحن الاوان لنعرف ونفهم ونكتشف ان هذه الدعوات لم يستجب لها قط رحمة بنا وبأوضاعنا، التي تدعو حقا الى الشفقة؟
ألسنا حقا من الغباء بمكان حيث اعتقدنا جميعا وآمنا حق الايمان بأن من يصنع لنا ويخترع لنا وينتج لنا هو مسخر في نهاية الأمر لخدمتنا ورفاهيتنا؟!
ألم يحن الوقت لنعرف ان كراهية الغرب، وبقية العالم غير المسلم لنا، نابعة اصلا من كراهيتنا وبغضنا واحتقارنا لهم السابق على حقدهم وخوفهم منا؟
نقول قولنا هذا ونستغفر لنا ولكم، فهل من فهم مقصدنا؟

الارشيف

Back to Top