مسلسل السذاجة والتعدي
أصدر آية الله الخميني قبل سنوات، وبعد ستة اشهر من قيام الروائي البريطاني سلمان رشدي بنشر رواية 'آيات شيطانية'، فتوى في عام 1988 اهدر فيها دم كاتبها بسبب ما ورد في الرواية من سرد تاريخي لم يقبله الإمام.
لا نريد الدخول في متاهات وجدال عقيم عن مدى استحقاق ما كتبه رشدي لعقوبة اهدار الدم، خصوصا ان موضوع 'الآيات الشيطانية' قتل بحثا منذ فجر الاسلام وحتى اليوم من قبل مئات المؤرخين والباحثين في التراث، لكن، من المؤكد ان تلك الفتوى عادت على رشدي بالشهرة والنفع المادي والمعنوي، الذي لم يكن يتصوره او يتوقعهِ كما ساعدت في رواج روايته بحيث تجاوزت كل رقم معقولِ وهكذا ساهمت فتوى الخميني في رواج ما يشوه صورة الاسلامِ ورشدي، وبعد 18 عاما من اصدار روايته لا يزال حيا!
بالأمس فقط تكرر مسلسل السذاجة نفسه عندما اصدر رجل دين كويتي فتوى اهدر فيها دم الرسام الدانمركي الذي اساء الى مقام النبوة!
بينت هذه الفتوى ايضا مدى جهلنا وتخلفنا، فهي اهدرت دم انسان غير موجود من قبل طرف لم يعرف حقيقة او طبيعة الجريمة، فلو كان مطلعا على تلك الرسوم لعلم بأن الأمر يتعلق ب 12 رساما، وليس برسام واحد! وعليه نطلب من 'الملا' تعديل الرقم في فتواه باضافة 2 امام الرقم 1، ما حدث من اشهار وترويج غير مستحبين لرواية 'آيات شيطانية' نتيجة فتوى الخميني تكرر مع الرسومات الدانمركية، فالضجة التي قمنا باثارتها والمطالبة بمقاطعة البضائع الدانمركية، وعدم قبول اعتذار رئيس تحرير الصحيفة واصدار فتوى اهدار الدم، كلها روجت لتلك الصور بشكل غير معقول فانتشرت عن طريق الانترنت خلال ساعات، وبمختلف اللغات، وفي العالم اجمع!
لقد سبق ان طالبنا بعدم معاقبة الوكيل المحلي، واعترضنا على قيام الجمعيات التعاونية بازالة المنتجات الدانمركية عن رفوفها، واعترض البعض على ذلك قائلين ان هذه ضريبة ندفعها من اجل الدفاع عن ديننا!! وهذا كلام عال! ولكن هل قام اي من هؤلاء المعترضين، وما اكثرهم، بإزالة المنتجات الدانمركية من زبدة وحليب ولحوم ودجاج وانسولين من برادات وثلاجات منازلهم ورميها في الزبالة؟
الجواب 'لا' كبيرة، فالعاقل لا يتلف طعاما من دون سبب، وسبق ان دفع ثمنه!!
وطالما انطبق هذا القول على التصرف الفردي فلم لا نطبقه على التصرف الجماعي؟! لا جواب طبعا.
ملاحظة:
قام 'مواطن غيور' قبل فترة بطباعة وتوزيع مئات آلاف المنشورات الملونة، سواء باليد او عن طريق بعض الصحف، وتضمنت رسوما وكلمات شديدة اللهجة وبذيئة في حق اصحاب الديانتين السماويتين، اليهودية والمسيحية، ظهر في بعضها صور لنجمة داود والصليب مكسورين وملقين في مرحاض قذر!!
فهل سمعنا باعتراض اي من هؤلاء 'المتخلفين' على اهانة صلب المعتقدات الدينية لأصحاب ديانتين سماويتين يعترف الاسلام بهما؟ وهل قامت سفارة اي دولة اوروبية او اميركية او الفاتيكان بالاحتجاج على سكوت حكومة وصحافة شعب الكويت عن تلك الاهانات؟
لا جواب ايضا!