من يقرأومن يفهم؟
من ضمن الظواهر الكثيرة التي كانت منتشرة قبل التحرير، ظاهرة كتابة مختلف الكلمات والأشعار أو وضع مختلف الملصقات الملونة، المضحكة منها والبذيئة على السواء، على الجزء الخلفي من سيارات الركاب او الشحنِِ وقد قامت 'المرور' في مرحلة تالية بمنع تجديد ترخيص اي مركبة لا يقوم صاحبها بإزالة تلك الكتابات او الملصقات عنها.
بعد التحرير عادت الظاهرة مرة اخرى للبروز، ولكن بشكل مختلف هذه المرة، حيث تمثلت في صور بعض مسؤولي الدولة، وكان منها صور ملونة لوزير داخلية سابق، او جمل تحمل مضامين دينية معينة.
وهنا وقفت 'المرور' عاجزة امام طلب ازالتها، على الرغم من ان بعضها كان يغطي بصورة كاملة زجاج المركبة الخلفي بحيث يمنع سائقها من رؤية ما يحدث خلفه.
كما هو متوقع فقد نتج عن سكوت 'المرور' عن المطالبة بإزالة الكتابات الدينية عن المركبات او مخالفة اصحابها ان البقية تمادت في الأمرِ وكان واضحا، ولا يزال الامر كذلك، ان غالبية من يقومون بكتابة تلك الجمل والعبارات الدينية على مركباتهم هم من المنتمين لأحزاب دينيةِ.
وهنا، وبعد سنوات من تقاعس 'المرور' عن تفعيل قوانينها، قام آخرون من اصحاب المركبات ربما يكونون من المحسوبين على احزاب سلفية اخرى متشددة، بوضع رسوماتها وكلماتها الدينية وشعاراتها الخاصة الدالة على هويتها الطائفيةِ ربما فعل البعض منهم ذلك بصورة عفوية، او ربما كان ردا على شعارات الفريق الآخر.
ان من يدقق في هذه الشعارات التي اصبحت منتشرة على الكثير من المركبات يدرك ان هناك شيئا يتحرك متململا في النفوس، ولكنه لم يصل بعد لدرجة الغليان، وتدارك المسؤولين للامر قبل استفحاله ضروري واكثر من مهمِ والغريب العجيب واللطيف الظريف، كما هي الحال في عشرات الاوضاع الأخرى ، ان الأمر لا يحتاج الى غير تفعيل القوانين التي مرت على الكثير منها سنوات من دون ان تعلم جهات تنفيذها بوجودها اصلا، بعد ان توقف العمل بها لعقود عدة!!
ان اكبر النار من مستصغر الشرر، فهل تتحرك الداخلية وتطبق القانون فقط، وترفض تجديد ترخيص اي مركبة كانت ما لم يقم صاحبها بإزالة اي كتابات او ملصقات او شعارات غير مرخصة عليها، وان تقوم في الوقت نفسه بمخالفة من يقوم بوضعها او كتابتها بعد تجديد ترخيص مركبته؟
أكتب ذلك وانا اشك في ان احدا يقرأ، وإن قرأ فهل تراه يفهم؟
وإن فهم فهل لديه القدرة والقوة ليطبق؟
اتمنى ان اكون على خطأ!