الهيجان الدانمركي
'الكويت تستنكر وتستدعي سفير كوبنهاغن'ِِ 'اتحاد الطلبة ينظم اعتصاما'ِِ 'الطبطبائي: مؤتمر للدفاع عن الاسلام'، 'الحركة الدستورية تدين تطاول مؤسسات اعلامية على مقام النبوة'، 'ِِنواب يطالبون الحكومة الدانمركية بتقديم الاعتذار'، 'ِِ منظمة المؤتمر الاسلامي تشن حملة واسعة للتصدي للإساءة'، 'الراشد: تصرف مناف للقيم'ِِ 'بيان من مجموعة من النواب يستنكرون الاساءة'! 'اتحاد التعاونيات: وقف التعامل مع 330 سلعة دانمركية'ِِ، 'المهري يحرم شراء البضائع الدانمركية'ِِ 'جمعيات النفع العام تطالب بتجميد العلاقات'.
هذه عينة صغيرة لما ورد في 'القبس' فقط من عناوين صحفية في اليومين الماضيين فيما يتعلق بحادثة الاساءة لمقام النبوة الذي تم عن طريق نشر رسوم كاريكاتيرية في صحيفة دانمركية في 30/9/2005، واعيد نشرها قبل اسابيع في جريدة نرويجية.
من الصعب، في هذا المناخ المتشنج، الحديث بعقلانية والتصرف برشد في مثل هذا الموضوعِ فالهيجان الذي يلف المجتمع بكامله تقريبا اعمى ابصارنا عن حقائق بالغة الاهمية.
فالصور محل الاهانة سبق ان نشرت قبل اربعة اشهر! فأين كانت قوى الرفض والاحتجاج هذه كل هذا الوقت؟ كما يمكن القول ان غالبية اولئك الذين قاموا بالاحتجاج على تصرف الصحيفة الدانمركية الاخرق لم يطلعوا اصلا على تلك الرسومات المسيئة، وليس لدى غالبيتهم، ان لم يكن جميعهم، أدنى فكرة عن طبيعة او ماهية تلك الرسوم او نوعية الاساءة التي وردت بها.
ومن الواضح ايضا اننا، حكومة وشعبا، قمنا بتحركنا الاحتجاجي بعد ان وردت ردود فعل السلطات الدينية السعودية على هذه الاهانات.
لقد عانينا كشعب من جرائم العقاب الجماعي التي اتبعها صدام معنا ابان احتلاله لوطنناِ كما كنا، كشعب وحكومة، من المعارضين الجادين لسياسات العقاب الجماعي اينما وجدتِ فكيف نأتي الآن ونطالب بتوقيع عقوبة جماعية على شعب كامل بسبب قيام صحيفة نكرة بنشر صور مسيئة لمقام النبوة، وبعد مرور اربعة اشهر كاملة على نشرها؟ وما هو ذنب الوكلاء المحليين، من مواطنين مسلمين، لكي تتم معاقبتهم على امر لا يد لهم فيه؟
ولكي نكون اكثر صدقا مع انفسنا فإننا يجب ان نتساءل عما اذا كنا سنقوم باتخاذ المواقف نفسها وردود الافعال ذاتها لو كانت الصحيفة اميركية مثلا.
لا نختلف على اهمية الذود عن حياض المعتقد والدفاع عن العقيدة، متى كان ذلك ضرورياِ ولكن من المهم بالقدر نفسه، ألا نحاول الاساءة والسخرية من معتقدات الآخرين، ايا كانواِ فاحترامنا لهم وقبولنا لوجودهم يدفعهم دفعا لقبولنا واحترام معتقداتنا، اما ما يجري الآن من اساءة للغير ولمعتقداتهم من على منابر مساجدنا فإنه لا يصب في صالح امننا الوطني والديني.