القرود والبيروقراطية
قام احد علماء الاجتماع بإجراء التجربة التالية:
احضر خمسة قرود ووضعها في قفصِ علق في منتصف القفص حزمة موز ووضع تحته سلما.
بعد فترة وجد العالم ان احد القردة اعتلى السلم محاولا الوصول الى الموز، هنا قام باطلاق رشاش ماء بارد على بقية القردة فأرعبها.
بعد قليل حاول قرد آخر اعتلاء السلم وهنا كرر عملية رش الماء البارد على بقيتهاِِ مع تكرار الرش عرف القرود ان محاولة الوصول ال الموز تعني رشها بالماء البارد، وهنا اصبحت اكثر حذرا، ومنعت بالتالي أيا منها من اعتلاء السلم.
هنا اخرج العالم احد القردة من القفص وادخل اخر جديدا بدلا منه، ولنسمه سعدانِ وما ان حاول سعدان تسلق السلم لتناول الموز حتى هجم عليه البقية محاولين منعه وعندما ابدى مقاومة نال ضربا مبرحا من دون ان يعرف سببه، ولكنه عرف بذكائه ان محاولة الوصول الى الموز تعني خطرا على المجموعةِ ولكن لم يكن يعرف انه الماء البارد حيث انه لم يعاصر تجربة الرش تلك.
ثم قام العالم باخراج قرد ثان من القفص وادخل اخر جديدا عليها وما ان حاول هذا الجديد تسلق السلم حتى هجمت عليه البقية محاولة منعه، وكان سعدان اكثرهم شراسة في منع القرد الجديد من مجرد تسلق السلم على الرغم من انها اكثرها جهلا بأسباب المنعِ مع استمرار عملية اخراج القرود الخمسة الاصيلة من القفص الواحد تلو الآخر وحلول خمسة قردة جديدة مكانها استمر القردة في عملية منع اي منها من تسلق السلم على الرغم من انها الآن جميعا 'جاهلة' بالسبب الاصلي الذي منع فيه تسلق السلم!!
هذه ليست قصة تسرد للدعابة بل هي تمثل واقع اي مجتمع، بتفاوت ملحوظ مع تقدم او تأخر المجتمع المعنيِ فلو نظرنا حولنا لوجدنا اننا نقوم باداء مختلف الاعمال في مكاتبنا ونتبع الكثير من طرق انجاز الاعمال ونؤدي الكثير من الطقوس بالاسلوب القديم نفسه دون ان يجرؤ اي منا، او يفكر، في سؤال نفسه أو غيره عن سبب اتباع هذا الاسلوب او تلك الطريقة دون غيرها.
والمحزن والمحير اكثر، ان الآخرين على الرغم من جهلهم كذلك بالاسباب يكونون عادة اكثر استماتة في الدفاع عن تلك الطرق والطقوس والدفاع عنها لتبقى كما هي!!
والآن لو فكر كل منا في كم الأمور اليومية والشهرية والسنوية التي يقوم بها بطريقة تلقائية دون تفكير لوجدنا أن وضعنا محزن حقا بعد ان اختار لنا البعض عدم التفكير والتسليم المطلق!
ولكن كم منا على استعداد لدخول تجربة السؤال؟