الإبل والفساد
كدت أصطدم يوم الخميس الماضي بجمل سائب من اصل قطيع كبير على طريق الصبية كان في طريقه لفتحة في المحمية الواقعة في تلك المنطقة، وعندما بحثت عن 'الراعي' لأعنفه، على خطورة ترك ابله سائبة دون مراعاة لمتطلبات السلامة، وجدته يغط في نوم عميق داخل مركبته اليابانية الحديثة، وربما كان كفيله الكويتي العجيب في الوقت ذاته نائما في بيته ويحلم بتكاثر قطيعهِ
وقد ورد في الصحافة المحلية (2/1) نبأ اختراق مجموعة من الابل للسياج المحيط ب'محمية صباح الأحمد الطبيعية' في منطقة كاظمة، وكيف عاثت فيها خرابا وقضت على جهود سنوات من الصبر والانتظار لنمو بيئة طبيعية في تلك المحميةِ
ليس في إمكان الجمال قطع سياج حديدي قوي والمرور منه، وهذا يعني ان احدا ما قد قام بتسهيل الأمر لها لكي تمر، وغالبا ما يكون هذا على علم بخطورة ذلك ومخالفته للقانون، ولكنه يعلم ايضا اننا نعيش في وطن لا يحاسب عادة المخالف،خاصة ان كان وراءه نائب وصوت انتخابيِ والحقيقة انه من الصعب معرفة سبب سكوت السلطات الزراعية عن مخالفات اصحاب الابل والسماح لهم بتركها سائبة تتلف التربة والزرع الأخضر في الصحراء، وهي التي سبق ان خصصت جواخير او حظائر ماشية كبيرة مجانا لأصحابها وزودتهم بكميات كبيرة من العلف المدعومِ
هل نحتاج حقيقة لكل هذا العدد الضخم من الإبل في الكويت؟ وهل يستحق الأمر تخصيص كل هذه المساحات الشاسعة من الأراضي النادرة والغالية الثمن لمجموعة من مربي الجمال الذين لا يعرف اكثرهم سبب وجودها في الكويت غير انتظار ارتفاع ثمن تلك الزرائب لبيعها لآخرين بأعلى الاثمان؟ ولماذا تسكت هيئة الزراعة عن تحول عشرات الزرائب الى فلل سكنية وشاليهات ومزارع باحواض سباحة فخمة وكراجات وسكن عمال وغير ذلك من الاستعمالات المفيدة جدا لأصحابها الذين يتاجر الكثير منهم ايضا بالإقامات وببيع العلف المدعوم في السوق السوداءِ
لقد آمنت اطراف عديدة في مختلف حكوماتنا بأن من المهم البدء بمعالجة المخالفات الكبيرة، اما الصغيرة منها فإنها ستنتهي من تلقاء نفسها متى ما تداعت القلاع الكبيرة! ولكن من الواضح ان الحكومة فشلت، ومعها المجلس، ولسنوات عديدة، في التصدي الفعلي لقضايا الفساد الكبيرةِ
فلماذا لا نحاول البدء بالتصدي لحالات الفساد الصغيرة والقضاء عليها، ونترك الكبيرة لمن هو في حجم التصدي لها؟
ان ترك الجمال سائبة في الصحراء وبالقرب من الطرق السريعة يشكل خطورة كبيرة على مرتادي تلك المناطق، خاصة مع زيادة حركة المركبات على طريق الصبية، وليس هناك عاقل يمكن ان يفهم سبب تركها سائبة خارج ما خصص لها من جواخيرِ
فإما ان تسحب الزرائب من اصحابها وتترك الجمال ترعى كما تشاء، او ان تمنع الإبل من ترك محيط زرائبها بتاتاِ
نرجو ان نسمع ردا من هيئة الزراعة لا يتضمن تبريرا يتعلق بعاداتنا وتقاليدنا 'بعد ان اصبح الراعي يقود مركبة' مكيفة وهو يرعى إبلهِ