نظريات شخصية (4/4)
نعود الى بداية المقال ونقول ان من السخف القول بعدم ايمان او صدق تدين، او عدم انتماء من ادعوا مسؤولية الوقوف وراء العمليات الارهابية التي هزت العالم في السنوات الاربع الماضية، للاسلامِ فهؤلاء يعلمون تماما حقيقة اعمالهم، وما نتج او سينتج عنها من اهوالِ والاسلام، كما فهموه نصا وروحا، اجاز لهم القيام بتلك العمليات، وهم في نهاية الامر مسلمون، واعون، راشدون سنا وتعليما ومكانة اجتماعية وماليةِ وبالتالي هم مسؤولون عن افعالهم، ولم يحاولوا، في اي مناسبة، التنصل من مسؤولياتهم تلك!
وعليه فان المشكلة تكمن، باعتقادي، في امرين:
الاول: ما يعتقده زعماء الارهاب الاسلامي في العالم من تفوق المسلمين 'الاطهار' على بقية مخلوقات الارض، وبالتالي تدني ووضاعة مستوى الآخر، منزلة ومكانة ومقاما.
والثاني: التفوق المادي 'الدنيوي' الشامل والكاسح لهذا الآخر، الامر الذي جعل له اليد الطولى في تقرير مصير بقية شعوب الارض، والمسلمين بالذات، يحدث ذلك، كما ذكرنا، على الرغم من قناعة من يقفون وراء الارهاب بتميز المسلم عن الآخر وعلو مكانته الاخروية ورفعة مقامه الدينيِ وهم على علم كذلك بأن هذا التفوق، لحكمة ربانية، محكوم له الاستمرار لفترة طويلة مقبلة.
نأتي الى الخاتمة لنقول ان من يعتقد ان الارهاب سيتوقف بمجرد، او حتى بعد عشر سنوات، من انسحاب جيوش الدول الغربية الحليفة، وبالذات اميركا وبريطانيا، من افغانستان والعراق والخليج، وتركها لمصيرها، لا شك واهمِ ومن يعتقد ان علاقات المسلمين، والعرب منهم بالذات، ستتحسن مع اميركا والغرب عموما بمجرد قيام هذه الدول باجبار اسرائيل على الاعتراف بدولة فلسطينية مكونة من الضفة والقطاع، واهم ايضا!
وهذا يعني، من وجهة نظري، ان من يدعي ان سبب الارهاب يكمن في موقف الدول الاروبية واميركا من 'قضايا القومية'، فانه لا يعرف عن ماذا يتكلم.
فالارهاب كان يعيش بيننا منذ قرون، وسنبقى مصدرا كبيرا له لفترة طويلة قادمة طالما بقينا على تخلفنا الشامل والكامل والتام في كل حصن ومجالِ فمارد الارهاب قد خرج من قمقمه بعد ان آمنت مجموعات كبيرة وصدقت فكرة تفوقنا الاخروي على الآخرِ وليس من السهل بالتالي، بين يوم وليلة اقناع هؤلاء الارهابيين ومن يتعاطف معهم، بعكس ذلك، خاصة ان النصوص التي تؤيد وجهة نظرهم اكثر من ان تعد او تحصىِ هل الوضع ميئوس منه؟
في ما تبقى لي من سنوات تقارب العشرين في هذه الحياة، اعتقد ان الاجابة بنعم اكثرتمشيا مع الواقع! ولكن ما اقساه من واقعِ فغالبية المسلمين على غير استعداد للتخلي عن 'حقيقة' ان المسلم افضل من غيره بدرجات.
وغالبية المسلمين، في الوقت نفسه، عاجزون تماما، ضمن المعطيات المتوافرة لديهم، عن اللحاق باصغر وابسط الدول الصناعية، وبالتالي فهم اعجز من التحكم في مصائرهم، او حتى في جزء منها، بخلاف نشرالدمار والدم بين الآخرين.
والى ان تتغير نظرتنا للآخر، ويتبدل شعورنا بالتفوق عليه، وتتطور احوالنا الحضارية المادية الى الاحسن فان الارهاب وصل ليبقى بيننا لفترة طويلة مقبلة.