هل وصلت الرسالة؟
كثيرا ما افتخر البعض بعدم وجود سجناء رأي في الكويتِ وهذا كلام غير دقيق بالمطلقِ فحرية الكتابة والقول والنشر، على الرغم من نصوص الدستور التي تبيحها بوضوح، غير متوافرة في الكويت، بل يصعب تخيل وجودها في ظل دولة يسير الأصوليون الكثير من أمورها وتخضع جميع كلمات مقالات كتاب الرأي فيها، ومن الليبراليين بالذات، لنظام الحسبة، الذي يعتبر سيفا مشهرا في وجه كل من لا تتفق آراؤه وتوجهاته مع آراء مسيري الأحزاب الدينية.
حزنت كثيرا عند قراءتي لحيثيات الحكم الذي صدر أخيرا على الزميل أحمد البغدادي، والذي لا حق لنا في الاعتراض عليهِ كما حزنت أكثر للحالة النفسية التي وجد ذلك الانسان الحر نفسه فيها، والتي دفعته مضطرا لتوجيهه نداء عبر أحد مقالاته لجميع الدول الغربية المعنية طالبا منها النظر في طلبه باللجوء سياسيا لاحداها!
ان اضطرار استاذ أكاديمي، وصاحب العديد من المؤلفات وآلاف المقالات الصحفية والأبحاث الرصينة، للهجرة والاغتراب و'استجداء' اللجوء السياسي لدولة أخرى ومغادرة وطنه وأهله وأصحابه، ليست بالقضية التي يمكن المرور عليها مرور الكرام، فهي تبين بوضوح ان مقولة 'حرية الرأي مكفولة'، ليست دقيقةِ كما ان عدم وجود سجناء رأي في الكويت حاليا لا يعني ان حرية الرأي مصونة، بل الرأي لم يقل خوفا من سيف الحسبة، وهذا قلل من أعداد سجناء الرأي بالتالي.
اننا نطالب هنا الاخوة النواب: علي الراشد وعبدالوهاب الهارون ومحمد الصقر وغيرهم من النواب المميزين بالتحرك ووضع حد لقوانين الحسبة التي اصبحت البعبع الذي تخيف به قوى التخلف مجاميع المدافعين عن حرية الرأيِ فبغير الغاء مثل هذه القوانين المتعسفة وتعديل قانون الصحافة الذي يسمح بسجن الكتاب والصحافيين، فان حرية الرأي، حتى البسيط والتافه منها، ستكون في خبر كان خلال فترة قصيرة.
لقد حاول الزميل البغدادي ارسال رسالة الى من يهمهم الأمر، فهل وصلت؟
اما اولئك التافهون الذين شمتوا فيه، وسخروا مما أصابه، فنقول لهم إن دورهم سيأتي قريبا، وسيؤكل لحمهم كما أكل بالأمس لحم زميلهم.
* * *
ملاحظة:
بينت الأحداث الفوضوية التي جرت أخيرا في اجتماع نقابة العاملين في الموانئ، مدى عداء وكراهية الكثير من مسؤولي الأجهزة الحكومية للأنظمة النقابية، وكيف انها على استعداد للإتيان بكل فعل شائن من أجل تخريب منجزاتها.