السلام ختام

لست ضليعا في السياسة ولا بالميال لشؤونها، ومن يعرفني يعلم ذلك، ولكن، على الرغم من ذلك، طلب مني الادلاء بدلوي الفكري في بئر الآراء المتناقضة والمتضاربة عمن كان وراء مقتل اعظم رجل أنجبته هذه الامة في عصرها.
ليس هناك خلاف على هوية السلطة المنتدبة والمهيمنة على القرار اللبناني.
فسوريا، كانت، ولاتزال موجودة الى حد كبير، وراء كل قرارات الدولة اللبنانية في الثلاثين سنة الماضية، وربما قبل ذلك ايضاِ ولا يجوز بالتالي، منطقيا وشرعيا وقانونيا، اعتبارها طرفا لا شأن له بما حدث.
وعليه يمكن القول إن من اغتال الحريري هو احد طرفين، لا ثالث لهما: اما طرف محسوب على القيادة السورية، ولا يغير من الامر عدم علمها المباشر بالامر، والطرف الثاني، او الاحتمال الآخر، ان يكون من قام بعملية الاغتيال عدو لسوريا ويهدف من وراء عملية الاغتيال تلك تشويه دورها في لبنان، كونها السلطة 'المنتدبة' المناط بها منع وقوع حرب اهلية، واحراجها امام المجتمع الدولي واظهار ضعفها وقلة حيلتها، واخراجها من طورها لكي تتصرف بطريقة غير مسؤولة.
لن نناقش الاحتمال الاول، فمناقشة الاحتمال الثاني ربما تكفينا شر الاول.
فلو افترضنا ان من قام بذلك العمل الاجرامي هو طرف معاد لتطلعاتنا القومية، وجهة تريد الشر بأمتنا وتهدف لاحراج سوريا وقيادتها الوطنية، وهذه الجهات تتمثل حصرا في اسرائيل واجهزة مخابراتها اللعينة والصهيونية العالمية والامبريالية الاميركية واجهزة المخابرات الغربية الاخرى، وبالذات الانكليزية والفرنسية منها، التي طالما حاولت الاساءة لدور سوريا الوطني في لبنانِ فلو افترضنا هذا، فقد كان من واجب سلطة الانتداب السورية في لبنان القيام فور وقوع حادثة الاغتيال الآثمة بتطويق المنطقة 'عسكريا ومخابراتيا'، والطلب من ممثلي الدول الكبرى الحضور الى مكان الحادث والاطلاع عن كثب على الاجراءات الامنية المتخذة، ثم تكليف اجهزتها بصورة مباشرة، بالتعاون مع الاجهزة القضائية والمخابراتية اللبنانية، بمهمة التحقيق فورا في الحادث.
كما كان عليها، بصورة مباشرة او عن طريق الحكومة اللبنانية، بصفتها السلطة المهيمنة على القرار، بالترحيب بكافة الدعوات 'المشككة' التي صدرت فور وقوع الحادث، والتي طالبت بتكليف جهات تحقيق دولية للحضور الى لبنان فورا لمساعدة السلطات اللبنانية في كشف حقيقة الجهات التي كانت وراء وقوع ذلك الحادث الآثم، ليس فقط من اجل حفظ سمعة سوريا وتبرئة ساحة قيادييها وابعاد التهمة عنهم، بل ايضا من اجل كشف حقيقة تلك الجهات المجرمة المعادية لها التي كانت وراء وقوع تلك الجريمة، والتي حاولت اتهامها وتوريطها فيما لا علاقة لها به.
والسلام ختام.

الارشيف

Back to Top