اتصل بالأمين الآن

ما ان اشتعلت الحرب العراقية ـ الايرانية في بداية الثمانينات حتى ساد المنطقة جو من القلق أدى الى اشتداد قبضة الأمن في البلادِ ولكن سرعان ما تراخت بمرور الزمن بعد أن تبين ان تلك الحرب لن تتوقف في وقت قريبِ وفجأة جرت المحاولة الآثمة لاغتيال رمز البلاد، وهنا عادت للقبضة قوتها، ولكن لفترة قصيرة لتعود إلى التراخي وكأن مشاكل المنطقة قد انتهتِ وزاد التراخي مع توقف الحرب بين العراق وإيرانِ وفجأة حل صدام وعصابته ضيوفا ثقلاء وحقيرين علينا بغزوهم وطننا، وهنا اكتشفنا أن أمننا الداخلي كان مخترقا وبائسا، ولم يكن بتلك القوة والمنعة اللتين حاول البعض تصويرهما.
وعليه قررت القيادة تلافي القصور فور تحرير البلادِ وهنا ايضا، وبمرور الوقت واستتباب الأمان تراخت يد الأمنِ وفجأة كشر صدام في منتصف التسعينات عن أنيابه القذرة وهدد بغزو الكويت مرة أخرىِ وهنا أيضا اشتد الصرف على الأمن وقويت قبضته، ثم تراخت وقل الاهتمام بمواضيع الأمن مع انحسار الخطر.
ثم اشتعلت المنطقة للمرة الألف بقرار دول التحالف القضاء على صدام في عقر دارهِ فقامت السلطات الأمنية حينها بالتحضير لتبعات الغزو وتداعياته، ولكن ما ان تحرر العراق حتى تراخت القبضة الأمنية للمرة الألف أيضا.
ثم داهمتنا وفاجأتنا وعرتنا العمليات الارهابية التي وقعت مؤخرا، وأصبح الخطر بيننا بعد أن كان يحوم ويدور حولنا، وهنا ايضا اشتدت قبضة الأمن، ثم عادت إلى التراخي مع شبه زوال الخطر.
الخلاصة أن الكويت بقلة عدد سكانها وصغر مساحتها وثرائها النقدي والنفطي، معرضة للخطر في اي وقت، ومن الداخل قبل الخارج.
فأخطار المنطقة، وما قد تتعرض له ايران مثلا من غزو أوروبي وأميركي، إن هي أصرت على الاستمرار في برنامجها النووي، احتمال وارد بقوةِ كما ان أخطار القاعدة ومجانينها لاتزال قائمة بقوة ايضاِ وهذا يعني أننا سوف لن ننعم بالأمان في الكويت والمنطقة لسنوات طويلة قادمة، وبالتالي علينا ان نبقى يقظين باستمرار، وهذه اليقظة تتطلب تعاون قوى الأمن مع المواطن والمقيم، فسلامة الكويت أمر يخص الجميع.
والسؤال هنا: ماذا يفعل المواطن او المقيم، عربيا كان أم أجنبيا، لو شاهد حادثا أو أمرا مريبا يود التبليغ عنه بأقل قدر من العناء والمكابدة؟
ولا أعتقد أن الاتصال برقم 777 هو الجواب، فوضع هذا المرفق أكثر بؤسا من وضع من تقع عليه مسؤولية تلبية نداء إسعاف أو دورية.
ولو شاهد أحد ما، وبالذات من لا يعرف العربية، أمرا مثيرا للشك وأراد التبليغ عنه فإنه سيفكر ألف مرة قبل القيام باجراء مكالمة هاتفية من هاتفه النقال والانتظار لعشر دقائق على الخط لكي يرد عليه طرف ما لا يعرف ما يقولِ كما ان حساسية بعض البلاغات تتطلب كما من السرية للمبلغِ لمعالجة هذا الأمر قامت حكومة دبي بطبع كمية هائلة من ملصق أمني، وبأكثر من لغة، وبأحجام مختلفة، ووضعته وعلقته ورزته على مختلف مفارق الطرق والشوارع والأماكن العامة كالأسواق والمطار بحيث لا يمكن أن تخطئه عين أحدِ ونصه كالتالي:
هل تود أن تساهم من أجل مجتمع أكثر أمنا؟
هل لديك ملاحظات أمنية وترغب في تمريرها وبسرية تامة؟
اتصل 'بالأمين' الآن على الرقم (ِِِِ)
خدمة الرد متوافرة على مدار 24 ساعة وهي سرية وآمنة ومباشرة!
والآن هل سنرى شيئا مثل هذا في الكويت.
إن التعلم من تجارب الآخرين ليس عيبا.

ملاحظة:
حضرت بالأمس معرض الفنانة التشكيلية سكينة الكوتِ وقد أعجبت كثيرا بأعمالها الفنية التي كانت ذات طابع خاص لم أشاهد مثله الكثيرِ ما أعجبني أكثر هو قدرة هذه الفنانة على العطاء، بكل هذا الزخم، على الرغم من كل شواغلها الأسرية والعمليةِ وقفت في زاوية بعيدة ورفعت عقالي تحية لها وغادرت بعد ان قطفت لنفسي واحدة من لوحاتها القيمةِ أدعو محبي الفن لزيارة معرض سكينة الكوت في صالة الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية مقابل مبنى محاكم حولي.

الارشيف

Back to Top