هولندا وإدارة الإطفاء (2/2)

على الرغم من حرصنا على استيفاء جميع متطلبات جهات الرقابة الحكومية، كالشؤون والاطفاء، فيما يتعلق باحتياطات السلامة، في مخازننا في منطقة الري، الا ان زيارات المفتشين، خصوصا من ادارة الاطفاء، لم تنقطع عنا قطِ كما ان ملاحظاتهم، حتى الغريب والتافه منها، كانت تنفذ بدقة وبغير انحراف.
نقول ذلك بمناسبة الحريق الكبير الذي حدث مؤخرا في منطقة الري وتسبب في خسارة عشرات الشركات لملايين الدنانيرِ ولكوننا احد الذين اصابتهم الخسارة في ذلك الحريق، فقد قمنا، فور التأكد من اطفاء الحريق، وبصحبة مخمني الخسائر الممثلين لشركة التأمين، بزيارة الموقعِ وهناك صدمنا لوضع المخزن المزري من حيث متطلبات السلامة المهنية، ومتطلبات الاطفاءِ فقد كان المكان، بممراته الضيقة وطوابقه المتعددة خاليا تماما من خراطيم مياه الاطفاء او المرشات او حتى طفايات حريق من الانواع البدائىة، خاصة في الممرات المكشوفةِ كما كانت مفاتيح وساعات ولوحات الكهرباء الضخمة مفتوحة من غير غطاء، واسلاكها مكشوفة في منطقة ذات رطوبة عالية.
بعد البحث والسؤال، تبين ان مسؤولا كبيرا في الاطفاء سبق ان استثنى تلك المخازن الضخمة، وحتما استثنى الآلاف غيرها، من جميع متطلبات الاطفاء اللازمة، التي كان وجودها سيوفر الملايين على الكثيرينِ ان الفساد المستشري في البلدية، بشكل عام، ليس مقتصرا، ولا يمكن ان يكون مقتصرا، على ادارة محددةِِ وادارة الاطفاء هي جزء من جهاز البلدية الخرب.
إن ذلك الحريق الذي استمرت مكافحته أياما عدة كان من الممكن، كما اخبرني اكثر من اطفائي شارك في فرق المكافحة، ان ينتهي خلال ساعات، وبأقل قدر من الخسائر، لولا التعليمات العشوائية التي صدرت عن مسؤول كبير ليست لديه دراية، ولا يود سماع كلمة 'لا'.
لقد اثبتت ظروف هذا الحريق، وقبله العشرات، ان السبب في تفاقمه وكبر حجم خسارته يعود اساسا الى ضعف اجهزة الرقابة في البلدية، وتعدد حالات الاستثناء التي لا يود احد التطرق اليها، بحيث اصبح الاستثناء من شروط الاطفاء، خصوصا للمتنفذين والوزراء والنواب، الحاليين والسابقين واللاحقين، هو القاعدة 'الذهبية'!
ان اي جهة معنية بإصلاح اوضاع الاطفاء لا تحتاج الى الكثير لتضع يدها على موضع الخلل والفسادِ فمراجعة مائة ملف من ملفات المجمعات او العمارات السكنية العالية او المشاريع الصناعية الكبيرة كفيلة بكشف اطنان من التجاوزات والاخطاء الاداريةِ.
فالقول ان من مسؤولية المالك توفير جميع متطلبات السلامة المهنية والاطفاء قبل استعمال او تأجير عقاره كلام غير دقيق.
فسلامة المجتمع ككل، وسلامة ارواح قاطني العقارات المجاورة للمباني المخالفة، تحتم على الدولة حصر استثناءات 'مديري' الاطفاء في اضيق نطاق.
ان استثناء بعض الملاك من صرف بضعة آلاف من الدنانير على مستلزمات الاطفاء ليس بالضرورة في مصلحته في جميع الاحوال، فقد ينقلب الامر، كما حدث في حريق الري مؤخرا، الى عكس ذلك تماماِ فتوفير القليل اودى بالكثير الكثير!
*¹*¹*
ملاحظة:
شكرا ل'القبس' لتخصيصها جزءا مميزا من الصفحة الاولى للمطالبة بالتبرع لضحايا كارثة 'تسونامي'، وشكرا اكبر لتحديدها 'الهلال الأحمر الكويتي بالذات، هاتف: 4818085 ' كجهة محددة للتبرع عن طريقها، وليس على جمعيات اخرى، والتي ركز المشرفون على البعض منها على قضية شراء الأكفان للضحايا الموتى، بدل الاهتمام بالضحايا الأحياء!!

الارشيف

Back to Top