الجرائم الصغيرةِِ ولا أحد فوق القانون
نجح عمدة مدينة نيويورك السابق 'رِجولياني' في تحويل مدينته، التي يتجاوز عدد سكانها 16 مليونا، الى مدينة نموذجية بالمقارنة الى ما كانت عليه اوضاعها الامنية قبل 12 عاما تقريبا.
وقد تم ذلك من خلال خطة وحكمة تمثلتا في ضرورة القضاء اولا على الجرائم الصغيرة، وتنظيف المدينة من صغار المجرمين والمخالفينِ فالمجرم، او مرتكب المخالفات الصغيرة اليوم هو القاتل في المستقبل.
من هذا المنطلق قمنا مؤخرا بكتابة مجموعة من المقالات حاولنا فيها تنبيه السلطات الى مجموعة من المخالفات الصغيرة التي ترتكب بصورة واسعة في كل مكان، ولا احد يود الاهتمام بها بحجة ان وقتها سيأتي فور القضاء على الكبير من المخالفات، وهذا اليوم، كما هو معلوم، لن يأتي ابدا.
نقول ذلك بمناسبة قيام صديقنا، السيد حسن، تاجر مواد البناء المنافس لنا، بانتقاد تركيزنا على 'التافه' من المخالفات، مثل بائعي البنك 'المرضي' وبائعي البطيخ 'المسروق' والاف اللافتات 'غير الشرعية' التي زرعت في الشوارع، والتي تحمل مضامين دينية لم تثبت استفادة احد منها، غير الذي قام بصنعها وخطها وتركيبها!
ولكن السيد حسن لا يعلم أنه من الصعب مجرد التفكير في اجراء الاصلاحات المنشودة واللازمة في مؤسسات عليها علامات استفهام كهيئة الزراعة او مؤسسة الموانئ او اتحاد الجمعيات، وغيرها العشرات ان فشلنا اصلا في ازاحة بائع البنك عن كرسيه البلاستيكي، وبائع البطيخ عن مسطبته الخشبية! فالاصلاح يبدأ من هنا!
***
ملاحظة (1):
لفت القارئ النشط السيد سليمان ماجد الشاهين نظرنا الى تزايد وتيرة اعلانات الشكر التي اصبحت تملأ صحفنا 'وتخز' في عيوننا من خلال لافتات ضخمة مثبتة على مفارق الطرق، يشكر فيها المعلن طرفا متنفذا لقيامه بارسال احد اقربائه لتلقي العلاج في الخارج على حسابه! وكأنه يقول باعلانه ذاك، ضمن اشياء كثيرة اخرى، ان ذلك النائب او المحسن اكثر عدلا وكرما من الحكومة!
ان هذه اللافتات والاعلانات، برأينا، تبين الخلل الناتج عن استشراء الفساد في جزء كبير من جسد الامة، كما ان مجرد الاصرار على وضعها دون ترخيص مسبق، بعد ان اصبحت جزءا من عاداتنا وتقاليدنا، يدل على اننا اعجز من ان نتصدى للمخالفات البسيطة، فكيف بالمخالفات الكبيرة.
'لا احد فوق القانونِِِ' اشك في ذلك!
فأعداد الذين هم 'الآن' فوق القانون كبيرةِ كما ان العدد بازدياد مستمر، ليس كل يوم، بل في كل ساعة!
***
ملاحظة (2):
ذكرت الصحف ان السلطات الجمركية احبطت محاولة لتهريب كمية من المواد التموينية المدعومة، الى خارج البلاد!
وبالرغم من القاء القبض على المهربين، اللذين كانا من جنسية غير عربية، فإننا، وربما لذلك السبب فقط لا غير، لم نسمع شيئا من وزارة التجارة المسؤولة عن المواد المدعومةِ وبسبب الفساد المستشري في الكثير من اجهزة الدولة، فإننا نتمنى على مسؤولي وزارة التجارة ان يسمعونا صوته ويؤكدوا لنا ان اوضاع 'التموين'، او الجهة المسؤولة عن المواد الغذائية المدعومة على 'خير' ما يرام! وان الامر لا علاقة له بتهريب وبيع العلف المدعوم!