الجهل سيد الأحكام
قد أكون اكثر الناس كراهية لكل ما له علاقة بالتطرف الديني، وما يجر اليه، او يتبعه، من تطرف مذهبي وعرقي مقيت.
ولا أبالغ ان قلت ان كل ما قرأته عن موضوع الفكر الديني، اي فكر ديني، لم يزدني الا ايمانا واقتناعا بأن السبب وراء تخلفنا، في اي ميدان يمكن تخيله او تصوره، راجع في المقام الاول إلى الحمق، في التطرف والتفكير، والى ما نعتقده بأننا على حق، والاخرون، أيا كانوا، على ضلال مبينِ ولم يأت هذا الحمق من فراغ، بل يعود الى الجهل، ولا لشيء اخر غير الجهل.
فجهلنا بحقيقة معتقدنا يخلق منا متطرفين، وجهلنا بحقيقة معتقدات الاخرين يجعلنا متطرفين اكثرِ فكل طرف يعتقد، حقا ام باطلا، لسبب او لآخر، بأنه افضل من الاخر، وان على الاخر ان يكون الادنى!
فما الذي يدفع بشخص مسلم عاقل بالغ (!!) لان يخلع ملابسه ويقوم، منفردا، او بمساعدة اخرين، بوضع مجموعة كبيرة من المواد الشديدة الانفجار حول جسده، وتثبيتها بأشرطة لاصقة وارتداء ملابسه فوقها، والسير لمسافة ما، ثم دخول مسجد تابع لطائفة مسلمة اخرى ومشاركة بقية المصلين صلاتهم ثم القيام بعدها بتوجيه الدعاء لربه، ورب من يشاركونه الصلاة في 'بيت الله'، لأن يوفقه في قتل اكبر عدد من المتعبدين الموجودين في المسجد، وهو يهم بتفجير نفسه بينهم؟!
هذه ليست مبالغة او قصة من نسج الخيال، بل امر وقع قبل ايام في مسجد يقع في كراتشي تابع للشيعةِ كما تكرر ما يماثله، وربما اشد منه، في افغانستان وفي الهند وباكستان، ومرشح لان يتكرر حدوثه في اي بقعة، وفي اي مسجدِ وسبب كل ذلك يعود الى جهل كل طرف بمعتقد الطرف الاخر!
نعود للقول إننا، وعلى الرغم من ايماننا القوي بضرورة فصل الدين الحنيف عن السياسة الخربة، لا نعتقد ان بالامكان تحقيق ذلك في المستقبل القريب.
وعليه، والى ذلك الحين، فإننا نؤيد بقوة مطالبة البعض بضرورة تدريس المذاهب الاسلامية كافة، والمذهب الشيعي بالذات، في مدارس الدولةِ وتطبيق الامر ذاته على المدارس الشيعية، وذلك بفرض تدريس مختلف المذاهب الاسلامية فيها.
ان مطالبتنا، او لنقل تأييدنا لهذه المطالبة لا ينبع من تطرف مذهبي، نحن ابعد ما نكون عنه، ولسنا بحاجة لشهادة احد فيما نقول، بل من اجل المساهمة في ازالة الغشاوة الجاثمة على صدور وقلوب وعيون مختلف الاطراف فيما يتعلق بحقيقة مذهب الطرف الاخرِ وان الاختلاف بينهما، مهما اشتد، يجب ألا يصل، وبعد مرور 14 قرنا على بدء الدعوة، الى درجة ان يقوم فرد من هنا بتفجير نفسه في مسجد هذا الطرف، فيقوم الاخير بتفجير نفسه في مسجد الطرف الاولِِِ وهكذا! وكل ذلك يحدث باسم الدين وباسم الله وفي عقر بيت الله، والقاتل والقتلى متجهون إلى كعبة واحدة بدعاء واحد، ولكن بقلوب متفرقة!
هل لدى اي منكن، او منكم، سبب اخر غير الجهل يدفع لاقتراف مثل هذه الجرائم البشعة؟
وهل لدى اي منكم، او منكن، ذرة شك في ان الطريقة الوحيدة للقضاء على هذا الاجرام لا يمكن ان تتم بغير نشر الوعي والمعرفة، وخصوصا معرفة هذا الطرف بمعتقد الطرف الاخر؟
وهل لدى اي منكم شك في حقيقة الاسباب الكامنة وراء تخلفنا؟
***
ملاحظة:
انقطعت السبل بأكثر من 300 خادمة اندونيسية في سفارة بلادهن منذ فترة طويلة، بسبب عدم امتلاكهن ثمن تذكرة طائرة العودة.
ومن اجل فك قيدهن، قام عدد من ناشطي جمعيتي حقوق الانسان والصداقة الكويتية بالسعي لدى ادارة الخطوط الكويتية لترتيب نقلهن الى بلادهن! وفي الوقت الذي نتمنى فيه على مؤسسة الخطوط الوطنية المساعدة في حماية سمعة بلادنا من هذا التلوث المخيف، فإننا نأسف لموقف جمعيات الاسلام السياسي من مثل هذه القضايا المسيئة لسمعتنا جميعا، خصوصا أن الضحايا فتيات مسلمات! وربما لو كن غير ذلك لتراكضت جمعيات الهداية لنصرتهن بإخراجهن من تنصرهن!.