محن الخير
أعلنت المديرة التنفيذية بالإنابة للمجلس الأعلى لشؤون المعاقين ان اجمالي المسجلين في المجلس من معاقين يبلغ 12 ألفا، منهم ألفان غير كويتيين! الرقم مخيف، ومرعب بجميع المقاييس، حيث ان نسبة كبيرة من هؤلاء محرومة من نعمة التعليمِ ومن هذا الجانب يمكن تقسيم فئات المعاقين في الكويت الى أربع فئات وهي:
1 ـ الصم والبكم والمكفوفون: وهؤلاء توفر الدولة لهم التعليم المناسب، والأرجح انه غير مناسب! وكانت زيارة مدارسهم في الماضي جزءا من برنامج أي ضيف رسمي يزور الكويت.
2 ـ المعاقون حركيا: وهؤلاء يجد البعض منهم عناية ما من جهة أو أكثر، ولكن لا توجد عوائق دراسية حقيقية امامهم بخلاف مشاكل التنقل.
3 ـ اصحاب الاعاقات الذهنية الشديدة: وهؤلاء تقوم جمعية واحدة بالاهتمام بهم، ولكن من دون ان تقوم بتوفير التعليم لهم لعدم حاجتهم له.
4 ـ اصحاب الاعاقات الذهنية المتوسطة والبسيطة: وهؤلاء يشكلون القسم الأكبر من المعاقين، ولو قمنا باستثناء نشاط تطوعي هنا وتجاري هناك وما بينهما من أنشطة استغلالية ووصولية، لوجدنا ان السواد الأعظم من أفراد هذه الفئة محرومون تماما من نعمة التعليم، على الرغم من حاجتهم الماسة الى هذه الخدمة.
والسؤال هو: لماذا يبقى آلاف المعاقين المحتاجين الى نعمة التعليم من غير مدارس أو معاهد تدريب على الرغم من موجة الخير التي تطفح في كل مكان؟ والى متى تبقى هذه الفئة محرومة؟ ولماذا لا تتجه أموال الخير، خاصة من الجمعيات المنتمية للأحزاب الدينية، لخدمة هذه الفئة؟
الجواب سهل وصعب في الوقت نفسه.
فبناء المساجد كان، والى فترة قصيرة، العمل الخيري الوحيد الجاذب للنظر والمالِ وأسباب ذلك تعود في المقام الأول الى نصوص دينية محددة، ثم دخلت على الخط موضة بناء المستوصفات والمستشفيات وصالات الأفراح، وباستثناء مؤسسات وصناديق تعليمية جادة غير ربحية تعمل بنشاط ولكن بحدود، فان العمل الخيري لم يشمل كثيرا من المجالات المهمة الأخرى، كتعليم المعاقين، لأن الأمر غير جاذب من ناحية الفكر الدينيِ كما لا ينظر المجتمع، بسبب الجهل، الى مساعدة أصحاب هذه الفئة بما تستحقه حالاتهم من عنايةِ وهم على أي حال لا يمتلكون أصواتا انتخابية مؤثرة.
ان محنة تعليم المعاق في الكويت جزء من محننا العقلية المستحكمة التي ليس من السهل التخلص منها أو معالجتها تحت الظروف الحاليةِ فالمجتمع يحتاج الى هزة، والهزة تحتاج الى توافر مناخ حرية أكبر وفسحة الحرية المطلوبة هذه مفقودة طالما بقيت الأحزاب الدينية هي التي تسير الكثير من أمور البلاد والعباد!
***
ملاحظة:
تقدمت مجموعة كبيرة من أولياء هؤلاء المعاقين بطلب للهيئة العامة للشباب والرياضة للحصول على ناد اجتماعي بامكانه استيعاب آلاف حالات الاعاقة الذهنية البسيطة التي لا تعرف اين تقضي أوقاتها.
نأمل ان تقوم الجهات المختصة بالاسراع في تنفيذ هذا المشروع الحيوي والانساني الكبير.