كلنا في الشرق مرضى
لم أجد مبررا واضحا لانتقاد عملية نقل السيد وكيل وزارة الصحة بطائرة خاصة الى الخارج، لتلقي العلاج في أحد المستشفيات الغربية، بخلاف الاهتمام بجانبها التقني والنفسي، حيث تبين عدم ايمان السيد الوكيل ورئيسه ومرؤوسيه بنظامنا الصحي، الذي طالما طنطنوا بمدحه في كل كتاب وبيان وخطبة وسجال.
وسبب عدم انتقادي لعملية النقل السريعة لا يتعلق بشخص المصاب ـ الذي لا تجمعني به أو برئيسه محبة كبيرة ـ بل بطبيعة عمله، حيث يقوم هذا الانسان سنويا، من خلال منصبه الاداري، بالموافقة على تلقي مئات المواطنين، وليس بالضرورة المرضى، العلاج والاستجمام مع مرافقيهم في مستشفيات اوروبا واميركا على نفقة الدولة! وبالتالي يصبح من السخف، طبقا للعرف الكويتي، ان يمنع هذا الشخص بالذات من مثل هذه المعاملة بالذات.
ونقول لكل اولئك الذين ابدوا اعتراضهم او استغرابهم على قرار النقل بان قرارات مماثلة لهذا القرار تتخذ يوميا، وبشكل واسع ومتكرر في مختلف مؤسسات الدولة دون ان تثار اي ضجة من حولها.
فلو افترضنا ان جميع قروض البناء والترميم والقروض الاجتماعية الممنوحة من الدولة تخضع لمجموعة من الضوابط المتشددة، ولكن صرفها النهائي يتطلب وصول ملف المعاملة اولا الى مجلس الادارة او الرئيس المفوض للتوقيع عليه! فان من المضحك ان نعتقد ان سرعة وصول ملف مواطن ما، الى مكتب الرئيس، يمكن ان تكون مساوية مثلا لسرعة وصول ملف مدير مكتب رئيس المؤسسة المقرضة نفسها! فمن طبيعة الامور في الشرق الحزين ان يحصل العاملون في اي جهاز على 'لحسة' مميزة.
ينطبق الامر نفسه على مؤسسات توزيع المشاتل والحبوب والاعلاف والاراضي والخرائب والمزارع والجواخير، حيث سنفترض ان توزيعها يخضع لعدة اشتراطات متشددةِ ولكننا نخدع انفسنا إن تصورنا أن نفسيات القائمين على توزيع كل تلك الثروات الكبيرة والاراضي الشاسعة المجانية هم من الملائكة، وان انفسهم سوف لن 'تدنع'، او تضعف، في نهاية الامر ويخصصوا عددا من تلك الاملاك 'البلوشي' لأنفسهم وأنفس اقربائهم!
كما ان من الطبيعي ان يقوم مؤسسو اي شركة مساهمة جيدة المردود، في القطاع الخاص، بالتفكير في اشراك اقربائهم واصدقائهم في تلك الشركة قبل التفكير في الآخرين، الذين ربما يكونون اكثر فائدة لأنشطتها!
ولماذا يقبع عشرات السفراء والاختصاصيين الاداريين والماليين السابقين ـ واسماء الكثيرين منهم موجودة لدينا ـ في منازلهم دون ان تحاول جهة ما الاستعانة بهم في مختلف اللجان والوفود الرسمية والشعبية؟
هل اصبحت الكويت كالصين بحيث بتنا لا نعرف who is who??