يوم أكل الثور الأبيض
قام مجلس الامة قبل سنوات، بإصدار قانون، عنصري وغير انساني، منع بموجبه الحكومة من منح الجنسية الكويتية لغير المسلمين!
ولو علمنا أن مسألة حصول غير الكويتي، بصرف النظر عن ديانته، على الجنسية الكويتية يتطلب السير في اجراءات طويلة يتخللها اخذ ورد لسنوات وسنوات ومقابلات وتقارير ولجان حكومية وموافقات من مختلف المستويات الامنية والادارية وصولا الى اعلاهاِ ولو علمنا أن اي قرار من هذا النوع كان يمكن وضعه موضع التطبيق من دون ضجة اعلامية، مع عدم اتفاقنا التام مع هذا الامرِ وان الامر لم يكن يتطلب مطلقا اصدار تشريع من مجلس 'الامة' نصر فيه، بقانون، على تخلفنا وعنصريتنا وكراهيتنا للآخرِ واننا بهذا التصرف لم نكن اقل تخلفا وعنصرية من اعدائنا.
نقول ذلك بمناسبة المؤتمر الصحفي الذي عقدته أخيرا الهيئة الاستشارية الشرعية لإحدى المؤسسات المصرفية التي تحول كيانها القانوني من ربوي الى 'اسلامي'، وورد فيه أن البنك سوف يتشدد مع موظفاته فيما يتعلق بموضوع الحجاب والحشمة.
من المقلق والمؤسف حقا ان تقطع ارزاق الناس، سواء من خلال التضييق الوظيفي عليهم بضرورة اتباع تعليمات متشددة وغير مقبولة انسانيا او منطقيا، من خلال فرض الحجاب مثلا على غير المسلمات، او مطالبة الموظفين بالاستقالة، لا لخطأ ارتكبوه او ذنب جنوه، بل لمجرد اختلاف ديانتهم، اناثا وذكورا، عن ديانة مساهمي البنك!
من المخجل ان يحدث ذلك في مؤسسات دولة عاد للتو رئيس جهازها التنفيذي من جولة شملت عدة دول، صرح، وشدد، في كل ركن وزاوية منها، على انفتاح الكويت وترحيبها بالاستثمارات الاجنبية.
فكيف يمكن ان يقبلنا الآخر ونقبل به مع وجود عقليات لدينا تعتقد أن من حقها انهاء عمل الموظف او الموظفة لمجرد اختلاف دينه او مذهبه.
نقول ذلك ونحن على علم بأن هذا التمييز العنصري والديني لم يكن ليجد ارضا صالحة وآذانا صاغية لو لم يكن هناك في الجهاز الحكومي من يعمل به ويغذيه ويطبقه.
والغريب ان يقف البعض من مجلس ادارة البنك وكبار ملاكه، موقف المؤيد لهذا التصرف العنصري البغيض، وهم اعلم من غيرهم بأنهم بعملهم هذا يؤيدون ما قامت، ولا تزال تقوم به، مختلف اجهزة الدولة، من تفرقة تتمثل في منع أتباع مذاهب محددة من العمل في هذه الوزارات او الاجهزة الحكومية! والامثلة اكثر من ان تذكر.
اننا لا نحارب قرار البنك المتعسف بقدر محاربتنا لكل اشكال التمييز في المعاملة بين البشر على اساس ديني او عرقي او غير ذلك من الفروق البشريةِ نقول ذلك ونحن نعلم أننا سنؤكل بعدما يؤكل الثور الابيض!