لماذا القيادة على اليمين؟
يمكن القول ان المركبات تزامن اختراعها وصنعها على نطاق كبير في وقت واحد تقريبا في اميركا وألمانيا وبريطانياِ ثم انضمت إليها فرنسا وايطاليا في وقت لاحق.
ولكن لماذا شذت بريطانيا عن هذه الدول الصناعية باصرارها على جعل قيادة المركبة على يسار الطريق بدلا من السير على يمينه؟
ولماذا حذت دول مثل الهند والسودان وقبرص وسريلانكا واستراليا ونيوزيلندا، والعديد من الدول الافريقية الاخرى، حذو بريطانيا في القيادة على يسار الطريق؟
ولماذا كانت السويد واليابان من ضمن الدول التي تقاد مركباتها على اليسار وليس على اليمين؟
اسئلة عديدة، وربما تكون مهمة، سنحاول الاجابة عنها على قدر ما نعرفِ وما نعرفه لا يعدو ان يكون اجتهادا في جزء منه، ومعلومات تاريخية غير موثقة في جزئه الآخر.
***
قبل اختراع المركبات البخارية ومركبات الاحتراق الداخلي التي تسير بالبترول، كان الناس يتنقلون بمركبات يجرها حصان او اكثرِ وكان السائس يستعين بسوط طويل لحثه على السير، او الاسراع فيه.
وحيث ان السوط يحتاج الى مجال حركة كبير بسبب طوله، ولتجنب اصابة المشاة به اثناء تحريكه يمنة ويسرة، فقد تبين من التجربة ان من الافضل جعل المركبة تسير على الجانب الايسر من الطريق وبالتالي يصبح المشاة الموجودون على الرصيف الايمن من الطريق بعيدين عن لسعات سوط السائس.
مع تزايد عدد المركبات الآلية في الطريق، ودخول الدول الصناعية في مرحلة الانتاج قررت بريطانيا - بسبب محافظتها الشديدة - الاستمرار في جعل مقعد السائق على الجانب الايمن من المقعد الامامي، اما مصنعو السيارات الاميركيون والالمان، فورد وديملر وبنز، فقد رأوا ان وضع مقعد السائق على اليسار سوف يكون عمليا اكثر، حيث في إمكانه، باستعمال يده اليمنى، التحكم في غالبية مفاتيح التشغيل، وهو وضع يناسب الغالبية، حيث القلة هي التي تميل إلى استعمال يدها اليسرى في الوظائف الدقيقة.
وهكذا قامت دول العالم كافة ببناء طرقها وشوارعها على اساس اليمين، وشذت بريطانيا عنهم وبنت الطرق للسير عليها من اليسارِ وقامت بناء على ذلك بفرض الامر نفسه في جميع مستعمراتها في جنوب شرق آسيا وافريقياِ وكان السودان، وربما البحرين، في فترة من الفترات، من الدول العربية القليلة التي كان السير فيها كحال بقية مستعمرات التاج البريطانيِ ولكن لماذا اصبحت حركة المرور في اليابان، ولاتزال تشبه تلك المتبعة في بريطانيا على الرغم من انها لم تكن يوما مستعمرة منها؟
يقال ان سبب ذلك يعود الى ان اول بعثة استطلاعية خرجت من اليابان في عهد الميجي العظيم (1868 - 1912) للتعرف على العالم ذهبت الى الولايات المتحدة واجزاء من اوروبا، وكان اعضاؤها اكثر انبهارا بتجربة بريطانيا وتقدمها الصناعي، ولهذا اخذوا منها طريقة السير، والتي لاتزال متبعة لديهم.
اما السويد فغير معروف، لنا على الاقل، السبب الذي جعلها تختار السير على اليمين لمركباتها، علما بانها لم تكن مستعمرة من بريطانيا، ولكن لابد ان هناك سببا وجيها دفعها إلى ذلكِ وقد قامت السويد قبل عشرين سنة تقريبا بالتحول الى نظام السير العالمي الذي كلفها في وقته اكثر من 4 مليارات دولار اميركي، ولو انتظرت السويد حتى اليوم لارتفعت تكلفة التغيير إلى اكثر من 20 مليار دولار.
ملاحظة:
ذكر وزير الصحة في تصريح صحفي ان الوزارة تعتبر العناصر البشرية حجر الزاوية في النهضة الصحية التي تتبناها الحكومةِ الأمر الذي يعكس قناعات المسؤولين بأن مستقبل الخدمات الصحية مناط بكفاءة هذه العناصر.
نذكر ذلك بمناسبة مقال نشر بقلم أحد الأطباء قبل أيام تهجم فيه على أحد مناوئيهِ الى هنا والأمر شبه عادي، ولكن الغريب ان ذلك الطبيب سخر من غريمه بوصفه بالمريض!
لا ادري كيف يسمح وزير الصحة، وهو الذي يعتقد ان العنصر البشري هو حجر الزاوية في 'نهضتنا الصحية'، لطبيب يعمل في الوزارة، ومسيس حتى التراث، بأن يصف مخالفيه بأنهم مرضى؟