هذه عقليات الطليعة منهم
لم يجد أحد جهابذة الأمة طريقة للدفاع عن وجهة النظر القائلة بعدم أحقية المرأة لحقوقها السياسية غير القول إن 'تسييسها'، أو السماح لها بالعمل في السياسة يتطلب مساواتها بالرجل(!!)ِ وهذا يعني بالتالي ضرورة تنازلها عن 'الامتيازات الكثيرة' التي حصلت عليها في السنوات الماضية والتي جعلتها، حسب وجهة نظر ذلك المدعي، صاحبة عز ودلال(!!).
وأول تلك الامتيازات التي يجب عليها التنازل عنها اضطرارها لركوب سيارات الشرطة عند طلبها للمثول أمام محقق أو ضابط المخفر، حيث أن الاجراء الحالي المتبع يسمح للمرأة باستعمال مركبتها الخاصة في الذهاب إلى المخفر بدلا من ركوب سيارة الدورية!
ولا أدري حقيقة قيمة هذا العز، ولا إمكان تطبيقه إذا كانت المرأة المطلوب مثولها أمام المحقق متهمة بالمتاجرة بالمخدرات، فهل سيسمح لها دلال الداخلية الحالي باستعمال مركبتها الخاصة أو سيارة أجرة للذهاب الى المخفر؟ وهل ينطبق الأمر على الكويتية فقط؟ وما مصير السيدات غير الكويتيات، اللواتي لا علاقة لهن بالترشيح والانتخاب؟ هل سيستمر السماح لهن مثلا بالذهاب الى المخفر بسياراتهن دون الاضطرار لركوب سيارات الدورية المهينة؟
وثاني تلك الامتيارات التي على المرأة التنازل عنها، متى ما منحت حق الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية، ضرورة تقيدها، كالرجل الكويتي الذكر، بمواعيد الحضور والانصراف من العمل الحكومي! حيث يسمح لها حاليا بالحضور والمغادرة وقت تشاء، لأنها محرومة من حقوقها السياسية! ولا أدري متى كان الرجل ملتزما لكي يتطلب من المرأة الالتزام لمجرد ان حقا من حقوقها المسلوبة قد منح لها!
أما ثالث الامتيازات التي سوف تفقدها المرأة حال عملها في السياسة، فإنه يتعلق باضطرارها للعمل في الأعمال الشاقة كرصف الطرقات، وجمع أشلاء البشر الناتجة عن حوادث الطرق!
أما رابع الامتيازات الخيالية التي سوف تفقدها المرأة حال عملها في السياسة الكويتية العريقة فيتعلق بضرورة تنازلها عن حق التقاعد المبكر! كما أنها ستحرم، من وجهة نظر هذا المتفيهق من حق الحصول على الاجازات المرضية والأمومةِ حيث أنها ستضطر، حسب منطقه، إلى إحضار رضيعها إلى العمل، بعد أن تكون قد أنجبته على أحد مكاتب الوزارة.
أما خامس تلك الامتيازات التي تحسر عليها صاحب اللحية السياسية فقد تعلق بضرورة دخول المرأة للخدمة الإلزامية، أو التجنيد العسكري، متى ما تمت مساواتها بالرجل من ناحية الترشيح والانتخاب!
ولم يعرف هذا الغافل أن التجنيد أسقط، حتى إشعار آخر، عن الرجال! إن كان هذا منطق وعقلية الطليعة التي تدعي الريادة والعلم والمعرفة بين المنتسبين للأحزاب والتجمعات الدينية المتخلفة، فما هو يا ترى حال بقية المنتسبين لتلك التجمعات المتخلفة؟
ومتى ستقوم حكومتنا الرشيدة ببلوغ سن الرشد الحقيقي وقطع الحبل السري الذي يربطها بأصحاب مثل هذه العقليات التي يشغل أصحابها الكثير من المناصب الحكومية المهمة والحساسة التي تم الحصول عليها في سنوات الغفلة الماضية؟.