المارينا ونحن ودبي 3/3

تعتبر أعجوبة التقدم العمراني في دبي تجربة ناجحة وغير مسبوقة، في منطقتنا الجغرافية على الاقل، على الرغم من أن دبي محاطة، مجازا، بدول عملاقة، غير متقدمة في كثير من المجالات.
تجربة 'دبي' لم تكن لتنجح لو لم تتوافر لها مجموعة من العوامل منها:
تراث وتاريخ دبي التجاري، ورؤى واحلام المرحوم الشيخ راشد.
وجود رؤية واضحة لمستقبل المنطقة للسنوات العشرين المقبلة.
تخلف الاجهزة الادارية في جميع الدول المحيطة بدبي، بما في ذلك إيران بطبيعة الحال، وعجزها عن التحرك في اي اتجاه تنموي.
عدم استقرار دول المنطقة سياسيا، وسيطرة قوى التخلف على مقدرات الكثير منها.
الحاجة الماسة الى وجود سياحة ترفيهية عائلية وغيرها في منطقة صحراوية جافة من كل وسائل الراحة والاستجمام، وشبه انعدام هذه الأمور في غالبية دول المنطقة الاخرى.
الرخص النسبي للسياحة في دبي مقارنة بالكثير من الدول الاخرى وسهولة الوصول اليها برا وجوا وبحرا (100 رحلة اسبوعية تقريبا من والى دبي، من الكويت فقط) وسهولة اجراءات الدخول للكثير من الجنسيات.
عامل الأمن، سواء للمقيم او المواطن او السائح العابر.
قرار التخلص من الرواسب والقيود البالية والسماح مثلا لمقيمي دول الخليج بدخول دبي بسهولة ويسر، وتوفير سبل تملك العرب والاجانب للعقار في دبي.
عزم السلطة في دبي على ادارة مشاريع الدول او المشيخة بطريقة قريبة من الادارة الخاصة، وهذا ما عجل في عملية اتخاذ القرار.
والامر الاخير هو الاكثر اهمية وهو الذي سنقوم بالتركيز عليه.
كانت بلدية الكويت في السابق تشرف بشكل مباشر، عن طريق مفتشي البناء فيها، على جميع مراحل البناء في مختلف المشاريع، مع كبر حجم المشاريع وتعقدها من الناحية الفنية، قامت البلدية بالتخلي تدريجيا عن دورها الاشرافي واصبحت تعتمد كليا على المكاتب الهندسية في عملية الاشراف على البناء، اما بسبب عجزها فنيا وبشريا عن القيام بتلك المهمة، او لأن احتمال إفساد ورشوة موظف الدولة والحصول على موافقته على مخالفة ما، أكبر من احتمال رشوة مكتب هندسي معروف ويعمل في مشاريع تقدر بمئات ملايين الدنانير.
وعليه فإن ما يحدث الآن من تأخير متعمد لمخططات البناء في دوائر البلدية والاطفاء والبيئة، والعراقيل العديدة التي توضع من اجل الحصول على رشوة أو خدمة مقابل تمرير المخططات، أمر لا يمكن السكوت عنه او تبريره تحت أي ذريعةِ ولا يمكن ان يصدق عاقل بأن عملية الحصول على ترخيص لانشاء بيت صغير، وتحت اشراف مكتب هندسي، يتطلب 90 يوما على الرغم من كل ما تمتلكه البلدية من تقنيات واجهزة وكادر وظيفي ضخم.
ولذلك فإن من الأفضل حصر عملية اصدار تصاريح البناء للمشاريع الجديدة، بجميع انواعها، بلجنة مصغرة تكون برئاسة مدير عام او رئيس البلدية، وان تقبل تلك الطلبات طالما كانت مرفقة بتعهدات اشراف من مكاتب بناء معروفة ومعتمدة وتتعلق بمشاريع هندسية تقع ضمن خطة البناء والسياسة السكانية ونسب البناء في المنطقة المراد تشييد المبنى، او المباني فيهاِ وبذلك نفتح المجال لعشرات من المشاريع الناجحة لكي تشيد دون خوف من عرقلة او تأخر بيروقراطي غير مبرر.
نعود ونقول انه على الرغم مما تشكو منه تجربة 'دبي' من مثالب لا يمكن تجاهلها فان بالامكان الاستفادة الى حد كبير من تجربتها الناجحة في اكثر من مجال، ولكن هل هناك من يقرأ؟ ربما.

الارشيف

Back to Top