المارينا ونحن ودبي (3/1)
أنا، وملايين غيري، من المعجبين بالتجربة التنموية في دبي، تلك التجربة الرائدة وغير المسبوقة، الا ربما في 'لاس فيغاس' التي تمكن فيها حفنة قليلة من الرجال من تحويل رمال الصحراء الصفراء غير ذات القيمة الى حبات رمل ذهبية تدر الملايين من خلال مشاريع صناعية وتجارية وحتى اعلامية وتربوية وثقافيةِ ولكن بالرغم من اعجابي الشديد بالتجربة فإنني اعتقد ان مثالبها كبيرة، وتتجلى اكثر مما تتجلى في كونها تجربة بدون جذور شعبية وطنية جماعية صلبة بحيث انها يمكن ان تنتهي بانتهاء دور الشخص الوحيد الذي يقف وراءها والذي يبدو ان لا حدود لأحلامه وطموحاته.
كما يمكن القول ان تجربة دبي، بالرغم من مظاهرها المهمة الأخرى، تجربة تجارية واستثمارية في المقام الاول، ولكنها تجربة غير مؤطرة، او محمية، بقوانين وتشريعات واضحة تحفظ حقوق الغير، وخاصة من غير مواطني دول الخليج العربيةِ ولكن هذا لا يعني ان التجربة غير قابلة للدرس والاستفادة منها، وربما العكس هو الصحيحِ حيث يمكن لدولة مثل الكويت، التي تتمتع بعمق قانوني وبشري كبير وبقاعدة سكانية مدربة ومؤهلة ذات خبرة تجارية وبحرية واستثمارية واسعة، ان تستفيد من تجربة دبي وتتجاوزها في كثير من المجالات في غضون فترة لا تزيد على عشر سنوات في حال توفر ارادة حكومية صلبة ورؤية مستقبلية واضحة.
وسنعود لموضوع كيفية تحقيق ذلك في مقال اخر.
ذهبت بالامس الى منطقة الواجهة البحرية المسماة ب'المارينا مول 2'، وتمتعنا والاهل بقضاء ساعات من المتعة البريئة هناكِ ويمكن القول بكل ثقة انها ربما تكون المنطقة الاسمنتية الوحيدة التي يمكن ان نفتخر بعدم وجود ما يماثلها، حتى الان، في دبي بكل طاقات تلك الامارة العمرانيةِ وحتى لو تمكنت دبي، او ابو ظبي التي تلهث وراءها محاولة تقليد اي شيء فيها، من بناء شيء يماثلها مستقبلا فإن طبيعة الطقس فيها، وخاصة في المنطقة المقاربة للبحر، تجعل من الامر مغامرة تجارية غير مربحة، ولكن متى كان الربح السريع من اهداف القائمين على تطوير دبي اصلا؟!
بالرغم من روعة وجمال منطقة المارينا الا ان النظافة، وخاصة في حوض اليخوت، مشكلة كبيرة يجب تداركها سريعا، حيث يمتلئ وجه الماء بعلب المياه والمرطبات الفارغة وكثير من الامور الاخرى الطافية وكان بينها حفاظ رضيع مستعمل!
كما لوحظ ان مياه منطقة المرسى قذرة جدا بسبب عدم وجود قوانين بيئية تمنع اصحاب المراكب واليخوت من تفريغ خزانات الفضلات البشرية في منطقة المرسى، وهذا ما جعلها، وهي التي افتتحت قبل اكثر من شهرين بقليل، غير قابلة للنظر اليها، دع عنك محاولة السباحة فيها.
في الوقت الذي نشكر فيه شركة 'العقارات المتحدة' على مشروع 'المارينا مول'، والذي سيصبح قريبا قبلة للجميع بسبب اتساع المكان وجماله وتعدد المطاعم والمقاهي المميزة فيه والتي تجعل من التسوق وتناول وجبة خفيفة فيه متعة كبيرة نفتقدها كثيرا في بلد خطفت مقدرات الفرح فيه فئة ضالة لا تسرها رؤية النور، وتكدرها الابتسامة، وتحزنها الضحكة ان لم تعرف سببها، فإننا نطالب الشركة صاحبة المشروع بتشديد الرقابة على النظافة والضوضاء لكي لا ينحدر مستوى المكان كثيرا.