الإغلاق التام أو الموت الزؤام
في تصعيد واضح لقرار إلغاء كلية الشريعة، وضمها إلى كلية الحقوق، كما كانت عليه الحال في السابق، قام التكتل الإسلامي السلفي الشعبي، بشن هجوم شديد على الحكومة، وعلى رئيسها بالذات من خلال الهجوم على التيار الليبرالي، مطالبا إياه بالكف عن إملاء القرارات على الجامعة!
وقال النائب فهد الخنة، عضو التجمع السلفي، إن الليبراليين يسقطون دائما في كل اختبار حقيقي للحريات الخاصة(!) وإن قرار إغلاق كلية الشريعة هو تراجع ثقافي(!) ومعرفي(!) وعلمي(!)ِ وهذا يعني ان الكويت، وقبل إغلاق كلية الشريعة، كانت متقدمة ثقافيا ومعرفيا وعلمياِِ واستطرد السيد النائب في القول إن قرار الإغلاق يجب ان يتخذ على ضوء دراسات، ولا أعلم إن كان النائب يعيش بالفعل في الكويت، حيث يعلم المعنيون بالأمر أن فائض مخرجات كليات الشريعة، داخليا وخارجيا، من الكويتيين يكفي لتغطية احتياجات جميع الدول الإسلامية!
أما قوله إن الدولة تحتاج الى فقهاء وعلماء وأئمة وخطباء، فهو قول صحيح، ولكن يجب ان يسبق ذلك تحديد المقصود بهذه التسميات، فاذا كان الأمر يتعلق بوظائف دينية فحاجة البلاد إلى فقهاء وعلماء دين ليست بتلك الضخامة بحيث يتطلب وجود كلية جامعيةِ أما إذا كان الأمر يتعلق بتوفير وظائف أئمة وخطباء مساجد فمن الواضح ان خريجي الشريعة يستنكفون من العمل في هاتين الوظيفتين لاعتبارات اجتماعيةِ علما بأن إلحاق الشريعة بالحقوق سوف لن يوقف عملية تفريخ 'العلماء والفقهاء والأئمة والخطباء'ِ وإذا كان الأمر يتطلب حقا وجود كلية للشريعة فمن المنطقي التساؤل عن الكيفية التي استطاعت بها مختلف الدول الاسلامية تدبير أمورها من غير هذه الكلية ل 1400 عام أو أكثر.
وختم السيد الخنة تصريحه بالقول إن كلية الشريعة 'صمام أمان للمجتمع لأنها تنشر الوسطية والاعتدال'!، وهذا ما لم يجرؤ على قوله، حتى أكثر المدافعين عن كلية الشريعة علنا أو سرا.
وقد دخل السيد خالد سلطان العيسى على خط إغلاق كلية الشريعة وصرح بأن الواقع يقول انه ليس لدينا ارهاب تخرجه كلية الشريعة!، ولم يحدد السيد سلطان مصدر الارهاب الحقيقي، كما لم ينكر وجوده بيننا! كما ذكر أن التعلل بعدم وجود وظائف لخريجي الشريعة لكي يتم إغلاقها تعلل غير واقعي، حيث من الأولى، حسب قوله، إغلاق معاهد الموسيقى والفنون والفلسفة والجغرافيا والتاريخ، لأن خريجيها ايضا، لا يجدون وظائف لهم! ولعلم السيد السلطان فإن كامل عدد خريجي معاهد الموسيقى والفنون والفلسفة والتاريخ والجغرافيا، من العاملين أو العاطلين عن العمل، لا يقارن بعدد العاطلين عن العمل فقط من خريجي كلية الشريعة، هذا بخلاف ما ستقذف به هذه الكليات، محلية وخارجية، من مخرجات في السنوات الأربع المقبلة على الأقلِِ ولعلم السيد السلطان فاننا لم نسمع من قبل عن قيام خريج فنون بتهديد وتكفير الآخرين بريشته او قتلهم بوتر آلته، ولم يسبق قط أن شكل خريجو هذه الكليات التي اشار إليها خطرا على أمن المجتمع وسلامة أفراده عن طريق نسبة الحق إلى نفسه والقول بضلال الآخرين، أيا كانوا!
الخلاصة، إن إغلاق كلية الشريعة لا يشكل خطرا على أي كان، وربما يكون العكس هو الصحيح، فالخطر يكمن فيما ستؤول إليه الأمور في كلية الحقوق، التي سيضم طلبة كلية الشريعة إليها، حيث إن تشرب غالبية طلبة الشريعة بسياسات التكفير وتعلقهم بمبدأ إلغاء الآخر سيكون لهما أسوأ الأثر في مخرجات الحقوق مستقبلا، ما لم يتم تدارك الأمر مسبقا.