الشيخ صباح وأحمد أبل

في معرض دفاعه عن أجواء التسامح والحرية الدينية التي كانت تسود مجتمعات الكويت المدنية في السابق، ذكر الشيخ صباح الأحمد انه كان يقوم، بمرافقة المرحوم أحمد أبل، بزيارة مجالس العزاء في الحسينيات في المناسبات الدينية المهمة.
وحيث ان المرحوم أحمد أبل قد توفي منذ ثلاثين عاما أو أكثر، فمن المعقول الافتراض بأن الزيارة والمشاركة قد توقفتا بعدها، وربما لهذا لم يرد اسم مرافق آخر في حديث الشيخ صباح.
ومن سياق الأحداث التي مرت بها الكويت منذ ثلاثين عاما، من المعقول ايضا الافتراض بان ذلك التوقف لم يكن له علاقة بوفاة المرافق، بل بسبب زيادة جرعة التطرف العصبي في مجالس العزاء تلك، والتي أضحت منذ تلك السنوات المبكرة من الاستقلال من سماتها البارزة، والتي جاءت إما بدافع داخلي، أو كرد فعل لزيادة الجرعة العصبية الدينية لدى الطرف الآخر الذي استقوى كثيرا بعد قرار الحكومة غير المعلن احتضان جناح محدد من المد الديني والاحتماء به ضد القوى السياسية والدينية الأخرى.
ان دعوة الشيخ صباح للتآخي والعودة الى قيم الماضي غير البعيد والتسامي فوق العصبيات الدينية دعوة، بالرغم من نبل هدفها، صعبة التحقيق ما لم تصاحبها قرارات حكومية جادة تأخذ فيها حكومة الشيخ صباح زمام المبادرة وتستمر في السير، دون توقف أو تردد، في عملية الإصلاح الديني التي نحن أحوج ما نكون إليهاِ وهذه العملية لا يمكن ان تتم بغير تحجيم، وحتى منع، كافة القوى الداعية للتطرف من المشاركة في الحياة العامة بأي شكل من الأشكال، حتى ولو تم ذلك على حساب الحريات، التي ندعي تملكنا لها!
ان سلامة الكويت واستقرارها ورخاء شعبها في خطر بسبب التعصب الديني والطائفي الذي تصر أطراف كثيرة على اظهاره بشكل فج ومقزز، لا لشيء الا لاختلافهم الفكري مع غيرهم على تفسير احداث دينية لا يستطيع احد الجزم بمدى دقتها التاريخية، بعد ان لحق بتراثنا الديني كم هائل من الاضافات على مدى العقود والسنوات الماضية.
ان مبادرات الشيخ صباح، التي كنا نسمع عنها، والتي أصبحنا الآن نتلمس ونشاهد البعض منها يتحقق على أرض الواقع، هي الأمل الأخير لإنقاذ هذه الأمة من الكارثة التي دفعنا جهلاؤنا الى حوافها النهائيةِ ومن الخير القول ان قرار اغلاق كلية الشريعة وتوزيع طلابها على بقية كليات الجامعة جاء على خلفية الموقف الحكومي الجديد والمتشدد من القوى التي تريد خراب حال هذه الأمة لكي تتمكن غربانها من النعيق على أطلال بيوتنا.
ومن الجدير بالذكر ان الزميل أحمد البغدادي كان من أوائل الذين تجرأوا بالكتابة عن الخطر الديني والاجتماعي الذي تمثله الكليات الدينيةِ وقد شاركناه في أكثر من مقال ومقام في المطالبة باغلاق تلك الكلية!.

ملاحظة(1):
قامت وزارة الأوقاف بتعيين أحد كتاب ودعاة التيار الديني المتطرف مستشارا لديها، يرافق وزيرها في زياراته الرسمية، في الفترة نفسها التي صدرت ضده تسعة أحكام 'قذف وسب وتشهير' لصالح تسعة أطراف! ومعروف عنه كراهيته الشديدة وعداؤه المعلن من خلال المقالات والمقابلات الصحفية لكل التوجهات والسياسات والقرارات الحكومية المتعلقة بالموقف الأميركي من الكويت والعراق.

ملاحظة(2):
سيكون موضوع برنامج 'الاتجاه المعاكس'، الذي يبث من قناة 'الجزيرة' الفضائية، مساء اليوم الثلاثاء متعلقا بأنشطة الجمعيات الخيرية ومدى علاقتها بالإرهاب.

الارشيف

Back to Top