هل نحتاج إلى أدلة أكثر؟
كتب اكثر من زميل ينتقد ويسخر من السياسة الاميركية، ويصف حرب الولايات المتحدة على الارهاب ب'الفاشلة'، حيث لا يزال الارهاب، باعتقادهم، وبعد سنتين من اعلان الحرب عليه، نشطاِ واستدلوا بما حدث أخيرا في مدريد وقبلها في تركيا والمغرب والمقاومة التي تبديها فلول طالبان، وبقاء كبار قادة القاعدة الرئيسيين طلقاء حتى الآن، اضافة الى ما يحدث في العراق من اعمال ارهابية كل يوم.
ان هذا التحليل لوضع الحرب على الارهاب يشبه حالة ذلك الانسان الذي يشعر بأن قواه منهكة، وانه سيصاب قريبا بنزلة برد قوية فيقوم من فوره بتناول مختلف الادوية والمسكنات والمرطبات، ويستمر على تلك الحال غير المستقرة لعدة ايام، وعندما لا يشعر بالتحسن الكامل المأمول يبدأ بالتبرم والتعجب من بقاء حالته الصحية على ما كانت عليه، بالرغم من عدم تقصيره في اتخاذ الاحتياطات والعلاجات اللازمة كافة، وينسى في خضم ذلك الاحتمال الاقوى، وهو انه لو لم يقم بأخذ كل تلك الادوية والمسكنات لكانت حالته الصحية اسوأ بكثير!
فما نراه الآن من اعمال ارهابية متقطعة تحدث تارة هنا وتارة هناك، والكويت ليست بمأمن منها، كان من الممكن ان تكون اشد واقسى من ذلك بكثير لولا تلك الحرب التي شنتها حكومة الولايات المتحدة، والعالم الغربي، بنسب متفاوتة، على الارهاب ومن هم وراءه، والتي كلفت دافع الضرائب لديهم مئات مليارات الدولارات حتى الآنِ اما نحن، دولا وافرادا، الذين كنا السبب وراء نمو وترعرع الكثير من المنظمات الارهابية، مالا ورجالا وافكارا، فإننا لم نكتف فقط بالجلوس وعدم فعل شيء، بل وبدأ البعض منا بالتبرم من سوء الحال، والشكوى من ان الارهاب لم يتم القضاء عليه تماماِ وللقارئة والقارئ تخيل وضع العالم الامني، ومنطقة الشرق الاوسط بالذات، في ظل حكومة طالبان الدهرية في افغانستان وسيطرة رجال الدين التامة على مقدرات الدولة في اندونيسيا وباكستان، والعديد من الدول العربية وغيرها من البلدان، واستمرار حكم صدام والمصحوب بتعنت ملالي طهران، ولا ننسى سياسة ليبيا! كما ان بإمكاننا اطلاق العنان لخيالنا اكثر وتصور وقوع السلاح النووي في يد صاحب فكر وتنظير خربين!
ان الحرب على الارهاب لن تتوقف طالما انه يشكل خطرا على السلام العالمي وعلى رفاهية الفرد في العالم الغربي بالذاتِ وما حدث في اسبانيا أخيرا من تغيير في الانفس والمشاعر، والذي انعكس سلبا على اصوات الناخبين فيها يمكن ان يتحول الى النقيض بالسرعة نفسها التي تحول بها الى ما سبق ان كان عليه، بمجرد وقوع عملية ارهابية جديدةِ فالارهاب لا صديق له ولا عقل لكي يستطيع ان يفرق بين صديق وعدو، والدليل على ذلك ان ضرباته الارهابية السابقة كلها ادمعت قلوبا وكسرت خواطر وحطمت مساكن، وازالت ثروات واغرقت آمالا وخربت مستقبل ملايين المسلمين بنسبة تزيد بكثير عما احدثته بغيرهم، والشواهد اكثر من ان تحصى.