خطوة نحو الإنسانية
يمكن القول ان سجل حقوق الإنسان في الكويت هو الاحسن، في منطقة دول الخليج وقليل من دول العالم الاخرى، ولكنه ابعد ما يكون عن الكمال، وخاصة لفئتي المثقفين والعمالة الاجنبية الرخيصة، ونقصد هنا خدم المنازل وعمال النظافة ومن في حكمهم، وبالذات من غير العرب والمسلمين منهمِ وتعتبر علاقة المثقف بالسلطة مسألة معقدة في الدول المتخلفة، ومنها الكويت، وخاصة عندما يرتبط الامر بجنح او 'جرائم' الكتابة والنشر، وكل ما يتعلق بحرية الرأي في دولة شبه محكومة من سلطة دينية ثيوقراطية غير مرئية!
ولو قمنا بمراجعة سريعة لأقسام الحوادث في المستشفيات وسجلات الاحوال في مخافر الشرطة لوجدنا ان لقضايا الاعتداء على الخدم والعمالة المتواضعة نصيبا كبيرا منها، سواء ما تعلق منها بالاعتداءات الجسدية او المادية على حقوقهم، اما بسبب جهل هؤلاء بما يكفله القانون لهم من حقوق مدنية وإنسانية، او جهلنا، كأرباب عمل، بكل ما يتعلق بإنسانية هؤلاء وحقوقهم عليناِ وحيث ان عملية القضاء على جهل ارباب وربات العمل في المنازل والمؤسسات التجارية والصناعية مسألة معقدة، ولا يمكن الاعتماد على نتائجها لتعلق مصالح هؤلاء بإذلال العاملين لديهم فيصبح بالتالي من الاسهل توعية العمال وخدم المنازل بحقوقهم الإنسانية والمدنية عند قدومهم الى البلاد للمرة الاولى، وذلك عن طريق تزويدهم بكتيبات مكتوبة بطريقة مبسطة بلغات بلادهم، اضافة الى اللغة الانكليزية تحتوي على بعض المعلومات المهمة عن الدولة ونبذة عن قوانينها، كقانون منع تناول او تداول المشروبات الروحية مثلا، وفقرات من قانون العمل والعمال، وخاصة ما يتعلق بطريقة والتزامات انهاء الخدمة والعطل والاجازات الاسبوعية والسنوية وغير ذلك من المعلومات المفيدة كعناوين السفارات وجمعيات النفع العام ذات الصلة بأنشطتهمِ ويمكن ان يكون لمؤسسات المجتمع المدني كجمعية الصداقة الكويتية والجمعية الكويتية لحقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان في مجلس الامة دور في تحضير هذا الكتيب بالتعاون مع السلطات الامنية.
وقد اكتشفت قبل ايام، وانا افكر في موضوع هذا المقال، وجود محطة اذاعة 'إف إم' حكومية تبث بعدة لغات كالهندية والايرانية والتكالوك، اي الفلبينيةِ وبسؤال اكثر من شخص يستمع الى هذه المحطة عما تقوم ببثه تبين انها تركز على المنوعات الغنائىة بلغات تلك الجاليات وعلى نشرات اخبار مطولة تتضمن كافة اخبار المسؤولين والرسميين من استقبالات وسفر وحل وترحال ولمحة قصيرة عن الاحداث العالمية دون التطرق، ولو من قريب، لأخبار بلادهم وما يجري فيها من أحداث مهمة، قد لا يعتبرها الآخرون كذلك.
من الجميل ان توجد لدينا هذه الخدمة الحضارية المميزة ولكن من المؤسف ألا نستغلها بطريقة مفيدة، بحيث تكون اداة تسلية واعلام بأخبار بلادهم من جهة ووسيلة لنشر الوعي بين المستمعين اليها من جهة اخرىِ كما يمكن بين الفترة والاخرى استضافة محام متطوع، وما اكثر من هم على استعداد لذلك، للرد على استفسارات هؤلاء فيما يتعلق بحقوقهم وشروط اقامتهم.
ان ما نطرحه هنا لا يعدو ان يكون فكرة تحتاج الى من يهتم بها لنخطو جميعا خطوة تقربنا من إنسانيتنا كبشر متحابين.