تعتبر وزارة التخطيط في الكويت من الجهات الحكومية المهمة، الا انها اصبحت في السنوات الأخيرة مثار شفقة الكثيرين بعد غياب مجلسها الأعلى وتردي أحوالها، منذ ان اصبحت حقيبتها تابعة لوزارة أكثر اهمية منهاِ ولو تساءل طرف ما عن السبب الرئيسي لتدهور احوال هذه الوزارة لقلنا له انه سيجد الجواب بمجرد قيامه باستعراض وجوه البعض من نواب مجلس الأمة، والتي ترفض تقاطيعها حتى الابتسام للرغيف الساخنِ كما سيكتشف ايضا ان علاقتنا بالتخطيط أقرب ما تكون إلى نصفه الآخر!

يرتبط عمل وزارة التخطيط بمؤسسات الدولة أكثر من ارتباطه بالعام من الجمهور، ولهذا من الصعب الحكم على منجزاتها بسهولة من دون الرجوع الى العديد من المراجع والتقاريرِ ولكن من السهل القول انها وزارة فاشلةِ وأكبر دليل على فشلها في التخطيط شكل مبناها الحالي القبيح جدا، وقربه الغريب والضار من الطريق العام، وموقعه غير العملي في وسط العاصمةِ وان دل هذا على شيء فإنما يدل على ان من كلف بتقديم الدواء لعلل الدولة أولى بالعنايةِ كما ان الوزارة المعنية بالتخطيط اعترفت بطريقة غير مباشرة بفشلها في عملها عندما تعاقدت على تشييد مبنى جديد بتكلفة تزيد على 23 مليون دينار يقع في منطقة لم تنجح حتى في إجبار الجهات المعنية على تحديد اسم مناسب ومحدد لها، فسماها سماسرة العقار 'جنوب السرة' على الرغم من ان خيطان تقع في شرقها وفي شمالها المطار وفي غربها تقطع منطقة مشرف!
ولو تناسينا مأساة وزارة التخطيط ويممنا وجوهنا شطر واحد من اهم وأكثر شوارع الكويت نموا لوجدنا في وسطه مبنى 'ديوان المحاسبة' الذي بني اصلا بطريقة هندسية غير مناسبة بسبب مواجهة واجهته الرئيسية للشمس الحارقةِ كما بني بجانبه موقف للسيارات على أغلى قطعة أرض داخل محيط العاصمة، وهو الموقف الذي كان من الممكن ان يبنى تحت او خلف مبنى الديوان الرئيسي.
وعلى الرغم من عدم مرور اكثر من خمس سنوات على انشاء المبنى الحالي، الا انه ضاق بمن فيه، ولهذا قام الديوان بالتعاقد على بناء مبنى جديد في منطقة الشويخ بكلفة 23 مليون دينار ايضا! وهذا المبلغ لا يشمل بطبيعة الحال تكلفة الأثاث والديكور والزراعة التجميلية وأجهزة الأمان والرقابة وأنظمة الكمبيوتر، وهذه كلها سترفع التكلفة الى أكثر من 30 مليون دينار، أي مائة مليون دولار.
فإذا كانت وزارة التخطيط بحاجة الى من يخطط لها، وديوان المحاسبة يحتاج الى من يحاسبه، فماذا تركنا للجهات الحكومية الأخرى؟