أن تكون مسلماً..
في أحيان كثيرة يتأخر نشر مقال لي لأيام عديدة بسبب زيادة ما أكتب عن احداث معينة على قدرة النشر اليومية، بحيث تفقد، بعضها، جزءا من رسالتها، ولكن عندما قرأت مقال الكاتب المصري علاء الأسواني في «المصري اليوم»، 8 يناير، بعنوان «أن تكون مسلما في بريطانيا» فرحت لعدم نشر مقالي المماثل لفكرة مقالته التي بدت أكثر طرافة وسخونة. يقول الأسواني: ان تكون مسلماً في بريطانيا معناه أن تدرك مبكرا أنك مختلف، عندما تخرج من الفصل في حصة الدين تطاردك نظرات زملائك الصغار، وعندما تذهب لتأخذ درس الدين في مكان آخر مع تلاميذ مسلمين مثلك تتابعك النظرات نفسها، بعد ذلك ستصاحب التلاميذ المسلمين وتحتمي بهم حتى لا يسخر أحد من دينك أو يسيء معاملتك! أن تكون مسلما في بريطانيا يعني أن كثيرين لا يحبون ديانتك ولا يعترفون بها، وبالتالي ما إن تنطق باسمك، الذي يدل على دينك، حتى تصفعك غالبا ردود فعل سلبية تتراوح بين الكراهية الصريحة والعداء. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أنك إضافي، هامشي، زائد على الحاجة، مشكوك في أمرك، نادرا ما ينتبه أحد إلى حقوقك وكرامتك. معناه أنك ستضطر إلى الدراسة والعمل في أعيادك الدينية لأن الدولة تعترف لك بعيد واحد فقط وتعتبره عطلة رسمية أما بقية أعيادك الدينية فهي بالنسبة للدولة أيام عادية غير مهمة! تذكر كم مرة ذهبت يوم العيد إلى محاضرة أو درس أو اجتماع عمل، وكم مرة فسدت بهجة العيد على أولادك لأن لديهم يوم العيد امتحانا ما. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أن تبذل كل مجهودك في الدراسة وأنت تعلم أنك غالبا لن تحصل على الدرجة النهائية حتى لو كانت من حقك. وأثناء الامتحانات الشفوية في الجامعة ما إن يقرأ الممتحن اسمك المسلم حتى يتغير لون وجهه ويعطيك درجة أقل من زملائك. حتى لو حصلت على أعلى الدرجات فسوف تتحايل إدارة الجامعة لتمنع تعيينك معيداً لأنك مسلم. الذين يمنعونك من حقك في التعيين غالبا متدينون يؤدون فرائض دينهم، لكنهم ببساطة يعتبرونك كافرا ولا يمكن أن تتمتع بحقوقهم نفسها. أن تكون مسلما في بريطانيا يعني أن تعد نفسك للهجرة في أي وقت، عليك أن تختار أسماء أولادك ودراستهم بحيث تلائم البلد الذي قد تضطر للهجرة إليه إذا تعرضت لاعتداء من المتطرفين. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أنك لن تصل أبدا إلى مناصب عليا في الدولة. فمهما بلغت كفاءتك لن تكون أبدا رئيسا للجمهورية أو رئيسا للوزراء أو قائدا للجيش أو مديرا للمخابرات، لماذا؟ لأنك مسلم، ورجال دين الأغلبية يعتقدون أن الله قد حرم تعيينك في المناصب العليا، كما أن الدولة في بريطانيا، بصراحة، لا تثق بك تماما. أنت في نظر الدولة مشروع خائن قد يتصل بالأعداء في أي لحظة لأن الأعداء لهم دينك نفسه. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أن تعاني بشدة من أجل بناء مسجد تمارس فيه دينك. سوف تمنعك الدولة والمتطرفون من بناء المساجد، فالدولة تضع قوانين مقيدة تجعل من بناء المساجد مهمة صعبة للغاية وتمنع حتى تجديدها وترميمها، ولو كان دورة مياه، إلا بعد أخذ موافقات عديدة. أضف إلى ذلك أن المتطرفين في بريطانيا يعتبرون بناء أي مسجد اعتداء صارخا على دينهم وكرامتهم، وإن فعلت فسيهجم عليك مئات منهم ليحرقوه ويعتدوا عليك وعلى أهلك وأولادك وهم يلعنونكم لأنكم كفار، كل هذا سيحدث لأنك تريد بناء مكان لعبادة الله، وسوف يتركهم رجال الشرطة يفعلون ما يريدون ثم يصلون متأخرين ليكتبوا محضرا بعد فرار الجناة!.. إلى آخر المقال الشيق والمؤلم في صراحته في الوقت نفسه! المهم أن الكاتب، يطلب منك في النهاية إعادة قراءة المقال! واستبدال كلمة بريطانيا بكلمة مصر، وكلمة مسلم بـ «قبطي»، ومسجد بــ «كنيسة»!
***
• ملاحظة: كان عيد ميلاد المسيح عليه السلام الأخير لدى أقباط مصر الأكثر مدعاة للحزن والقلق في تاريخهم الحديث.