تركي وراء القضبان
ورد في وسائل الإعلام أن السلطات السعودية ألقت القبض، قبل شهر تقريبا، على المفكر والروائي السعودي تركي الحمد، ولم يتم نفي الخبر حتى الآن، مما قد يعني صحته! ويقال ان السبب تعلق بتغريدة للمبدع تركي، فهمت من بعض الملالوة بأن بها مساساً بالرموز الدينية! ولكن لتركي تاريخا طويلا في نقد مختلف الأوضاع، ويكفي أنه مفكّر حرّ صدرت عنه آراء نقدية متعددة، إن من خلال ما ألف وكتب من روايات ومقالات، أو ما صرّح به في مقابلات. وكان نقده دائماً ساخراً في غالبيته، منتقداً أوضاعنا السيئة بطريقة متحفظة ومؤدبة! وينقل عنه قوله بأنه بينما ينشغل العالم بالتحديات والمخاطر الكبرى المحدقة به، ينشغل «علماؤنا» بشرف المرأة، وكيفية منعها من ألا تخرج من بيتها إلا إلى قبرها. كما دعا تركي دوما الى تحرير الفكر من أغلاله. كما دعا إلى وقف استبداد طال لأكثر من الف عام، والانفتاح على المستقبل والانتماء إليه، كما حذر من نازية جديدة يسعى المتأسلمون لفرضها علينا.
مؤلم أن يبات تركي الكبير في سجنه البارد، بينما ينعم أعداؤه الصغار، من متخلفي الأمة، بدفء فرشهم الوثيرة، فخلاص هذه الأمة يكمن بتبديل المكانين، وبتشجيع ودعم أمثال تركي الحمد، الذي دعا دوما إلى تحرير الفكر من أغلاله العتيقة، وتوسيع دائرة الحرية، فلا تقدم بغير حرية، قولا ونشرا، وإن كان تركي يشكل خطرا على الأمة، فما هو إذن شكل الخطر الذي تمثله الحركات الدينية المتطرفة، وأصحاب الفكر الهدام؟
نضم صوتنا لصوت كثيرين مطالبين باطلاق سراح تركي الحمد، فمخجل أن يُعتقل كاتب ومفكر بوزنه لم يرتكب جرما سوى ممارسة حقه كإنسان حر في إبداء رأيه، ودفع العقول إلى أن تفكر، وربما هنا كان مقتله، فنحن بمجملنا لا نشجع الآخر على ممارسه حقه الطبيعي في التفكير، إن كان خارج خط تفكيرنا التقليدي، المتزمت عادة. والمؤسف أن قضية حجز حرية المفكر تركي لم تجد من «المثقفين» العرب ما تستحقه من اهتمام، والسبب طبعا معروف، ولكن لا يعلم هؤلاء أن دورهم قادم لا محالة ان استمر سكوتهم.
نطالب بإطلاق سراح تركي الحمد، ليس من أجل إنسان لم يرتكب ذنبا يستحق عليه البقاء في سجنه من دون تهمة واضحة، بل ومن أجل كرامتنا جميعا!