اللغة العربية (2/3)
قبل الدخول في موضوع اقتراحنا المتعلق بجعل اللغة العربية أقرب لروح العصر، وهو موضوع نعتقد أن تحريك الجبال ربما يكون أهون منه، وهذا لا يعود إلى صعوبة الاقتراح بقدر ما يعود إلى العقليات الجامدة والكارهة لعملية التطوير والتجديد التي تسير الكثير من أمور حياتنا، دعونا نتطرق للملاحظات الثلاث التالية:
الأولى وردت في كتاب 'السخرية السياسية العربية' لخالد قشطيني، والذي يتعلق موضوع فصل منه بالصراع الأدبي والسياسي الذي نشب في مصر في الثلاثينات من القرن الماضي بين السياسي والأديب محمد حسين هيكل، وأديب اللغة العربية الكبير طه حسينِ وكان موضوعه اللغة العربية القديمة المعهودةِ حيث حاول هيكل، بطريقته الخاصة، الكشف عن حقيقة مكانة طه حسين اللغوية فقام بوضع جدول بالأخطاء الاصطلاحية التي أخذها عليه في بعض ما كتبِ فرد عليه طه حسين بالاشارة الى الأخطاء التي وقعت لهيكل في مقاله بعينه! وهذا أمر لو أمعن فيه الكثيرون، وخاصة من محبي وطلاب تعلم 'العربية'، لما شجعهم ذلك كثيرا على تحصيلها.
أما الملاحظة الثانية فتتعلق بما نبديه، جميعا بشكل عام، من اهتمام يصل الى درجة الشغف والوله، بطريقة القاء الخطباء وملاحظة مخارج الكلمات عند مذيعي نشرات الأخبار مثلا والتعليق على طريقة نطقهم، وهذا ما يجعلنا عادة نعطي اهتماما أكبر لطريقة الحديث على حساب موضوع الحديث او الخطبة، بحيث نتحول الى مدرسي لغة في فصل دراسي بدلا من منصتين لمحاضرة أو شرح تفصيلي لقضية أو نظرية ما، الأمر الذي كثيرا ما يجعلنا نفشل في التركيز على صلب الموضوع!
أما الملاحظة الثالثة والأخيرة فتتعلق بحالة الخوف الهائلة التي تنتاب الكثيرين منا بمجرد التفكير في كتابة مقال أو إلقاء كلمةِ ولا يعود ذلك إلى عدم امتلاك هؤلاء لملكة الكتابة أو الخطابة، بل ربما كان العكس هو الصحيح مع الكثيرين منهم، ولكنه الخوف من الوقوع في الخطأ اللغوي وسماع التعليقات والهمسات والنظرات المستهجنة.
وأعلم شخصيا أن ما أقوم بكتابته من مقالات منذ أكثر من عشر سنوات يحتوي على كم لا بأس به من الأخطاء الاملائية والنحوية، ولكن ذلك لم يمثل دوما عائقا أمامي، ولم يثنني بالتالي عن الاستمرار في الكتابة ومحاولة ايصال ما أود إيصاله من رسائل وآراء باصرار شديد دون الالتفات لتبعات وعوائق الأخطاء اللغوية التي أتوقع الوقوع بها أو ارتكابهاِ ولحسن الحظ لم أقابل حتى الآن من ذكر لي أنه سيتوقف عن قراءة مقالاتي، أو أنه لم يفهم جزءا محددا منها بسبب ما احتوته من أخطاء إملائية او ما اتصفت به تلك المقالات من ركاكة في اللغة أو الأسلوب!