المداخلة التي كشفت الخواء القومي( 2/2)

شاركت قبل اسبوعين تقريبا في برنامج 'الاتجاه المعاكس' الذي تبثه قناة الجزيرةِ وعلى الرغم من كل الملابسات التي أحاطت بموضوع الحلقة وبشخصية الطرف الآخر المشارك فيها، وهي الملابسات التي منعتني بالتالي من التحضير المسبق للحلقة، حتى بكلمة واحدة، إلا أنني اعتقد، ومن خلال مختلف ردود الفعل التي وردتني، ان أدائي لم يكن سيئا، مع الأخذ بالاعتبار ان الكثيرين ربما فضلوا عدم مشاركتي بحقيقة آرائهم في البرنامج، ولكن هذا ليس موضوع مقال اليوم.
طرح مقدم البرنامج سؤالا في صورة استفتاء على المشاهدين وطلب منهم المشاركة في الاجابة عنه بنعم أو لا، وكان السؤال: هل كان تحرير الكويت عام 1991 على ايدي القوات الاميركية، مجرد مقدمة لاحتلال العراق عام 2003؟
كانت الاجابات في النصف الاول من البرنامج 82% نعمِ و18% لاِ ثم تعدلت النتيجة قليلا مع نهاية البرنامج لتصبح 72% نعم و28% لاِ بترتيب مسبق قام السيد خير الدين حسيب، رئيس مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت بالاتصال للمشاركة في مداخلة تتعلق بموضوع الاستفتاء وليقول ان غزو العراق عام 2003 كان يرتب له منذ عام 1988 عندما زار الجنرال شوارتزكوف المنطقةِ وكلف مرة اخرى بزيارتها عام 1989 لتحديد الأخطار التي تواجه اميركا، ورفع تقريرا قال فيه ان العراق يمثل الخطر الأساسي على مصالح اميركاِ وهكذا بدأت الحملة على العراق منذ بداية عام 1990، سواء بالتضييق عليه او باجراء المناورات العسكرية المختلفة في المنطقة! وقال ان الكويت قامت بزيادة انتاجها من النفط وهكذا انخفضت الاسعار في العالم، ولكن الكويت لم تتأثر، فقد خسرت في جانب وربحت في جانب آخر، أما العراق فقد تأثر اقتصاديا من انخفاض اسعار النفط، وكان رد فعل صدام غزو الكويت!
وختم رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية مداخلته بالقول إن الغزو كان من الممكن ان يعالج ضمن حل عربي، لولا اصرار اميركا على محاربة العراق، وذلك عندما قام الجنرال شوارتزكوف في 4/8 بزيارة الى السعودية حيث أعطي الضوء الاخضر، وقام بأخرى إلى مصر يوم 5/8 التي وعدت بالمشاركة بقواتها، وعقد مجلس الجامعة اجتماعا في 10/8 للتغطية على الموضوع والتمهيد لاخراج القوات العراقية من الكويت عن طريق اميركا، على الرغم من وجود اتفاقية عربية تتعلق بالدفاع المشترك!
وأكد السيد حسيب مرة أخرى ان تحرير الكويت عام 1991 كان مقدمة لغزو العراق عام 2003.
أولا: كان السيد خير الدين حسيب يصف نفسه دائما بالمعارض لنظام الحكم السابق في العراقِ ولكن ما ان تبين أن النظام في خطر حتى ظهر المدافعون عنه، وبدأوا بالكشف عن حقيقتهم، ومنهم السيد حسيب، الذي ظهر في قناة العربية، في الايام الاخيرة لانهيار نظام صدام ليبشر 'المعجبين' به في العالم العربي، وما أكثرهم، بأن صدام حي ولايزال يدافع عن العراق!
ثانيا: من السذاجة القول إن تحرير الكويت كان مقدمة لغزو العراقِ فقد كان بامكان اميركا بعد انتهائها من تحرير الكويت عام 1991 اجتياح العراق برمته دون أدنى مقاومة بعد ان انهار جيش العراق و'شرد' حرسه الجمهوري الأشوس في البراري، خاصة ان قواتهم وعتادهم وأسلحتهم كانت في المنطقةِ وبالتالي لم يكن هناك سبب يدعو أميركا للانتظار 13 عاما، ومن ثم التحضير لغزو العراق بتكاليف فاقت في مراحلها الأولى الخمسين مليار دولار لجلب الجنود والعتاد والاسلحة إلى منطقة سبق أن كانوا فيها قبل 13 عاما!
ثالثا: اذا كان السيد حسيب، بجهاز مركز دراساته المتخلف، يعلم بنوايا أميركا العدوانية ويحذر منها، فلا بد ان سيده، الفطحل الآخر، بكل أجهزة التجسس والتنصت وقرون الاستشعار التي كانت لديه، على علم افضل بخطط اميركا ونواياها فلماذا لم يحتط للأمر، سواء بالرضوخ للمطالب الدولية وقبول التفتيش، أو باطلاق قذيفة صحيحة واحدة؟!
رابعا: لماذا لم أقل كل ذلك في البرنامج ردا على تلك المداخلة البائسة؟
الجواب: لأنني لم أكن اعرف حقيقة الرجل من جهة، كما لم أكن أعرف ان محور البرنامج سيكون ذلك الاستفتاء المضحك!
ولكن، وعلى الرغم من كل ذلك، مازلت اعتقد ان من واجبنا المشاركة في برامج قناة الجزيرة، واستغلالها للدفاع عن قضايانا.

الارشيف

Back to Top