الفكر الديني المنغلق
في محاولة من وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية لابعاد الشباب عن موجات التطرف الديني التي اجتاحت ولا تزال تجتاح العديد من الدول الاسلامية، ولمخاطبتهم بطريقة يرضون بها، قامت الوزارة بطباعة وتوزيع ورقة مصقولة بحجم يقل عن حجم الصفحة العادية، بعنوان 'افتح قلبك وحاور العلماء'، وضعت فيها اسماء وارقام هواتف مجموعة من رجال الدين، وطلبت من كل المهتمين الاتصال بأي منهم للحوار معهم والوصول الى الحد الأمثل معهم لمواجهة التحديات المعاصرة للأمة الاسلامية، وذلك من خلال القواعد الشرعية وضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمصلحة الشرعية(!!)ِ وهدف الورقة الواضح هو ابعاد الناس، والشباب منهم بالذات، والنأي بهم عن الأفكار الدينية المتطرفة.
فكرة الورقة معقولة ولكن تؤخذ عليها الأمور التالية:
أولا: عنوان الورقة: افتح قلبك وحاور العلماء(!!) هو عنوان خاطئ اساسا، فالحوار يجب ان يتجه الى العقل وليس الى القلب، فحوار العقل هو الأبقى والأهم! ولكن يبدو ان من صاغ الورقة أعلم بنفوسنا ونفوس هؤلاء الشباب منا، ويعرف مدى عاطفيتنا، وأن لا محل للعقل عندنا، وان المخاطبة يجب ان تتجه الى القلب بشرايينه وبطينيه الأيسر والأيمن، بعد ان وضع الكثيرون منا عقولهم جانبا!
ثانيا: حرص من وضع اسماء رجال الدين الستة على الصفحة الخلفية على ان يكونوا من طائفة محددة، وكأنه يقول إن خطر الارهاب الديني لا يأتي الا من أبناء هذه الطائفة بالذاتِ وهذا اعتراف خطير وبائس، اضافة الى كونه غير دقيقِ فمن الواضح ان التعصب أعمى عيون البعض بحيث غابت الرؤية السليمة عنهم.
ثالثا: إن الخطأ الذي وقعت فيه الوزارة بذكر أسماء رجال دين من طائفة محددة وإهمال الطوائف الاخرى ما كان ليحدث لو كان اصحاب الفكر الآخر ممثلين، اداريا على الاقل، في وزارة متخلفة كالأوقاف، لما حدثت مثل هذه الأمور الخطيرة والحساسة، ولما وقع من قام بصياغة تلك الورقة في ذلك الخطأ الذي بيناه في 'ثانيا'.
يجب ان تكون لنا في السعودية أسوة حسنة بعد ان دفعت الاحداث الأخيرة ولي عهد المملكة إلى رعاية أول مؤتمر ديني في تاريخها يجمع ابناءها الشيعة والسنة تحت سقف واحد!
فهل نتعلم من الآخرين ونستفيد من تجاربهم؟.