آخر العلاج الكي
عندما تذهب كل نصائحك الموجهة لابنك بضرورة توخي الحذر أثناء قيادته لمركبته، وعندما يجافي النوم عيني والدته كل ليلة بانتظار عودته سالما، بسبب ما اشتهر به من رعونة وطيش، وعندما تصبح أخته كل يوم محمرة العينين من البكاء قلقا عليه، وعندما تنقلب حياتك، أو تكاد، بسبب ما تعانيه وبقية أسرتك الصغيرة من قلق بسبب رفض الابن الاستماع لنصائحك بضرورة الابتعاد عن رفاق السوء، وعندما تسوء العلاقة بينكما بسبب اصرارك على انتقاد تصرفاته غير المسؤولة، واصراره على تجاهلها، وعندما يصبح جليا ان الابن سيقع في ورطة ومأزق خطيرين عاجلا أم آجلا بعد ان أصم أذنيه عن أي نصيحة واختار ترك قيادة مصيره بيد الآخرين، وعندما تبدأ في الدعاء والصلاة لكي تأتي العواقب اقل سوءا من المتوقع، بعد ان عرفت أنه ليس بمقدورك رد القضاء بل طلب اللطف فيه، فإن تمنياتك بتورط ابنك في حادث مرور بسيط ومؤثر يعيد له صوابه ورشده، بالرغم من كل ما سيصيبه من ألم ومعاناة، يصبح أمرا مشروعا!!.
ان الشعور الذي انتاب ذلك الوالد، الذي تمنى وقوع الضرر الصغير لابنه لكي يفيق من سباته وينتبه لحاله خشية وقوعه في ضرر أكبر، يشبه شعور الكثيرين منا تجاه الاحداث الارهابية، التي وقعت اخيرا في المنطقة! فقد تبين لنا وللآخرين من الكتاب والدعاة والمصلحين انه ما من أمر كفيل باعادة الرشد لهذه الامة وانتشالها مما هي فيه من خدر وسبات غير وقوع هزة بحجم تلك الاعمال المجرمة، التي لم نتمن وقوعها لولا ما أصابنا من يأس من قدرة المسؤولين على رؤية الامور على حقيقتها.
ان الامر لا علاقة له بالشماتة، فمشاعرنا ابعد ما تكون عن ذلك، ولكن ما هو الأمر أو الحدث، الذي كان من الممكن ان يعيد لنا صوابنا بعد ان مرت احداث الحادي عشر من سبتمبر، وتأثرت بها حياة ملايين البشر وألقيت مئات الخطط الاستراتيجية لمختلف الحكومات في سلال القمامة، وتغيرت من جرائها سياسات لم يطلها التغيير منذ عقود طويلة، وقلبت الاصدقاء اعداء والاعداء اصدقاء وطال اثرها كل دولة في العالم، ولكنها فشلت، بالرغم من كل ذلك، في تحريك ولو شعرة في اجسادنا واستمرت مفاهيمنا كما هي وطرق حياتنا دون تغيير، وزادت وتيرة دعائنا ان لا يغير الله علينا شيئا وكأننا، بما نملك من تافه الثراء المادي المزيف، في حصن من كل شر وأذى.
نتمنى ان يكون مسؤولونا قد وعوا الدرس جيدا!! فقط نتمنى.