محمد قبازرد وميناء أم قصر
يوجد في حوزة ورثة المرحوم محمد قبازرد عدد كبير من الأفلام الوثائقية عن مجموعة من الاحداث التاريخية المهمة التي مرت بها الكويت في السنوات الستين الماضية على الاقلِ ويتضمن أحد تلك الافلام القصيرة، التي يعود تاريخها الى عام 1957، صورا لرافعات ثابتة عملاقة في ميناء الشويخ.
بعد نصف قرن تقريبا لاتزال تلك الرافعات موجودة في ميناء الشويخ ثابتة في أماكنها على صورة كتل من الحديد الخردة الذي لا فائدة ترجى منه، والتي تبين بصورة صارخة مدى حاجة الميناء الى الصيانة.
يعتبر ميناء الشويخ، الاكبر والاكثر نشاطا في الكويت، من المواقع المهمة جدا في الدولة، والرئة الاساسية التي تتنفس منها بضائع ومعدات ومأكولاتِ ولكن في جولة سريعة قمت بها الى ذلك الميناء يوم الاثنين 31 مارس اكتشفت ان وضع الميناء، طرقا ومنشآت ومعدات، بخلاف ما قامت ادارة المنطقة الحرة بتشييده من مبان أنيقة، لايزال كما هو منذ آخر مرة كنت فيها في تلك المنطقة في 15 مايو 1991، اي ان وضع الميناء لم يتغير كثيرا بعد مرور أكثر من 4300 يوم! فجميع طرق الميناء بدون استثناء تحتاج الى صيانة شاملة بعد ان امتلأت بالحفر، كما أن وضع كافة ارصفة الميناء خطير ولا يجب ان تترك على حالتها، اضافة الى انها غير صالحة للعمل اطلاقا، وتشكل خطرا على أرواح الكثيرينِ كما ان جميع 'الفنرات'، اي القطع المطاطية الضخمة التي تمنع ارتطام السفن الراسية بهيكل الرصيف الخرساني، تالفة او غير موجودةِ اما المراسي فجميعها غير صالحة للعمل سوى سبعة من أصل 21(!)، وحتى هذه تحتاج الى صيانة شاملة في المغاطس والارصفةِ كما ان عدد الرافعات العملاقة غير القابلة للاستعمال بأي شكل من الأشكال اكثر بكثير من عدد الرافعات العاملة، التي لا يزيد عددها عن رافعتين، وهو العدد الاقل في كافة موانئ الخليج.
ما دفعني الى كتابة هذا المقال الصور التي شاهدتها في التلفزيون لميناء 'أم قصر' العراقي، والتعليقات التي سمعتها من عدد من المختصين عن مدى كفاءة ذلك الميناء، سواء من ناحية المنشآت او تطور المعداتِ وقد جعلني ذلك اشعر بالحزن والأسى لوضع موانئنا البائس.
وقد دفعني هذا الامر ايضا الى الاتصال بالناطق الرسمي لمؤسسة الموانئ السيد توفيق عبدالرحيم شهاب الكلبي، للاستفسار منه عن الاصلاحات التي تم انجازها أخيرا في الموانئ على ضوء سلسلة الاجتماعات التي عقدتها الادارة مع مختلف الجهات المعنية، كغرفة التجارة والجمارك والبلدية، فرحب بالأمر وعرض مصاحبتي في جولة في ميناء الشويخ لرؤية تلك التطورات، تسبقها جولة في ادارة العمليات، التي يشرف عليها، في مكاتب المؤسسة الرئيسية في الشويخ، وعندما رفضت العرض الثاني، وطالبت بالاكتفاء برؤية منشآت الميناء فقط، تأخر عن موعده فاضطررت للمغادرة والاتصال بصديق يعمل في الميناء ليقوم بتسهيل دخولي الى هناك حيث شاهدت ما ورد ذكره أعلاه.
* * *
ملاحظة:
تعتبر كافة عمليات الاغتيال السياسي والعمليات الانتحارية، طوال تاريخها المعروف الممتد من جماعة حسن الصباح، (الحشاشين) وحتى اليوم، من العمليات التي يقوم بها فرد ضد جماعة!!
ما حدث في العراق قبل ايام قلب هذه المعادلة، حيث قامت حافلة مليئة بالركاب باقتحام نقطة تفتيش أميركية بهدف قتل جنديين اميركيين!، وهذه اول مرة يقوم فيها عدد من البشر بقتل انفسهم من اجل انهاء حياة عدد يقل عنهم بكثير من 'أعدائهم'!!
هل هذا مؤشر على خلل في عقل ذلك النظام الذي دفعهم لذلك، ام هو خلل في عقل من قام بتلك العملية، أم أن الخلل كامن في عقول من شاركوا في تلك المسيرات الصاخبة تأييدا لصدام ونظامه الحقير؟؟
أم ان الخلل عام وشامل!! وهذا ربما يكون أقرب للواقع؟