ناكرو الجميل


'اتعهد انا (ِِِ) المواطن الكويتي حامل البطاقة المدنية رقم (ِِِ) بعدم تعريض المصالح الاميركية في اي منطقة كانت في العالم للخطر، سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة، كما اتعهد بالحفاظ والدفاع عن حياة من استطيع من الاميركيين، ومنع الاذى والشر عنهم بأي صورة كانت ومن اي طرف كان، وان احترم مثل ومبادئ تلك الدولة، وان لا اتعرض لها بالسخرية والاستهزاء'.
* * *
على الرغم من ان النسيان يعتبر نعمة كبيرة، ولولاه لقضينا حياتنا نندم ونأسف ونحزن على كل عزيز فقدناه وملك ضيعناه وجاه فقدناه و'صولد' لم نحافظ عليه، الا ان الامر ليس كذلك في مطلق الاحوال.
فمن اكثر الامور مدعاة للشعور بالمرارة، ذلك الشعور بفقدان الكرامة الذي انتاب كل من وجد على ارض الكويت اثناء فترة الاحتلال العراقي لها، او من وجد نفسه مشردا بعيدا عن وطنه واهله وماله، واحسب ان الشعور بالشلل التام والمهانة المطلقة، الذي انتاب الكثيرين وهم وقوف امام جندي جاهل ومسلح ببندقية حربية، امر سيبقى في الذاكرة لسنوات طويلة مقبلة،وعليه لا يجوز ان ننسى كافة الاحداث التي صاحبت الغزو، سواء بشقه الذي تعلق بمشاعر الكراهية والغضب لمن قام باحتلال بلادنا، ومحوها من الوجود، او تلك التي تعلقت بمشاعر الود والامتنان لمن مد لنا يد العون وقت الحاجة دون منة او شرط، ولا نقول ذلك فقط من منطلق الحقد والكراهية لمن امر بغزونا، بل وايضا لكي لا تتكرر المأساة مرة اخرى، والاهم من ذلك لكي نعي جيدا أن كرامة الانسان امر غاية في الاهمية، وان سبب تفوق شعوب ما على شعوب اخرى يعود في المقام الاول الى شعور الكرامة والعزة الذي يميز امة عن غيرها.
على الرغم من مرور ستين عاما على قيام الولايات المتحدة بالتدخل في الحرب العالمية الثانية، وانقاذ اوروبا من الخطر الذي مثلته هذه الحرب، فإن طول الفترة لم ينس الاوروبيين فضل الاميركيين عليهم.
اما في الكويت، وبعد مرور اقل من اثنتي عشرة سنة على قيام الاميركيين باعادتها الينا، بعد ان محاها صدام من الوجود، فاننا نجد نسبة كبيرة منا قد نسيت كليا الدور الاميركي في تحرير بلادنا، ولم يكتف البعض منا بذلك بل قام بتحريض الآخرين عليهم، ومحاربة مصالحهم، وتطور الامر بصورة اخطر، عندما قام البعض منا، عن سابق اصرار وترصد، بقتل عدد من المدنيين والعسكريين الاميركيين، الذين لم يأتوا الى هذه البلاد الا لحمايتها من اعدائها والدفاع عن كرامة ابنائها، بجانب امور كثيرة اخرى.
ان من المنطقي التساؤل عن النسبة التي كانت سترفض التوقيع على التعهد الذي ورد نصه في الفقرة الاولى من هذا المقال ـ والذي نرجو قراءته مرة اخرى ـ لو ذيل ذلك التعهد بتعهد آخر من حكومة الولايات المتحدة تقول فيه انها ستقوم بتحرير الكويت من الاحتلال العراقي واعادتها الى اصحابها، بكل ما يعنيه ذلك من عودة للكرامة والوالد والولد والاب والام والاهل والعقار والمال والسيارات والارصدة المصرفية والمجوهرات والشاليهات والجواخير والنوق والخراف والبقر، ولا نود التطرق لقضايا انتهاء العبودية والتشرد والذل والمهانة والجوع والمرض؟
وحيث ان ذلك لم يحدث، فقد وجد الكثيرون انفسهم في حل من اي التزام، ولو ادبيا، تجاه كل ما يتعلق بالمصالح الاميركية او بسلامة مواطنيها، او كأن الكويت اصبحت واحة امان وقوة عظمى لا يخشى عليها من اي خطر كان!.
ومن المؤسف ان نلاحظ وبعد كل ما قدمه الشعب الاميركي من تضحيات في سبيل تحرير الكويت ـ وعلى مدى الاثني عشر عاما الاخيرة ـ ان ليس بامكان مواطني تلك الدولة بالذات، مدنيين كانوا او عسكريين، التجول بحرية في اسواق الكويت وشوارعها، او الدخول الى مطاعمها، والاختلاط بمواطنيها، او حتى الوقوف آمنين امام اشارات المرور!
ومن يدري فربما شكل الكويتيون الافغان عما قريب، كما ذكر الزميل خليل علي حيدر، سرايا خاصة لغزو معسكرات الجيش الاميركي واغتنام اسلحتهم وسبي نسائهم من المجندات!
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top