أما نحن
كنا في سن المراهقة، وعلى الرغم من سذاجتنا وقلة خبرتنا، نناقش الكثير من أمور الحياة الصعبة والخطيرة، ونضع حلا لكل معضلة ونوجد جوابا لكل تساؤل، وكان نفر منا يصر على أن من غير الممكن معرفة جنس الجنين في الارحام، فجاءت أجهزة 'السونار' وكشفت المستور، واصبح بالامكان معرفة جنس الجنين قبل مولدهِ قالوا بعدها ان الأخطر من ذلك هو التحكم في جنس الجنين، وتقدم الطب البشري واصبح بالامكان تحديد ذلك بمختلف الطرق والوسائلِ كبرنا وقلنا بعدها انه ليس بالامكان الحصول على طفل من غير عملية جنسية طبيعية، وجاءت موجة الحمل الصناعي و'السروكيت موذر'، واصبح بالامكان زرع بويضات رجل ما في رحم امرأة ما والحصول على طفل لا أب ولا أم محددين لهِ ثم قالوا، وقلنا بعدها، انه ليس بالامكان الحصول على طفل عن غير طريق التلاقح بين بويضة المرأة وسائل الرجل، وهذا ايضا تم التغلب عليه بعد أن ذكرت الصحف قبل ايام، ما كان متوقعا منذ فترة، عن نجاح طائفة 'الرائليين'، الفرنسية في استنساخ طفلة من سيدة بدون الدخول في متاهات التلاقح الجنسي!.
يحدث كل هذا في ميدان الطب، وبقية المجالات الاخرى، وبوتيرة متسارعة ومخيفة، في الوقت الذي انشغلت فيه صحفنا ومنتدياتنا ومختلف جهات مجتمعنا المتخلفة بمجموعة من الفتاوى الدينية!! فقد اصدر السيد محمد الطبطبائي فتاوى حرم فيها العمل بمختلف الفنون، وحرم المال المكتسب من العمل بهاِ كما اختلف رجال الدين عندنا على موضوع عمل المرأة في الافتاء ودخلوا في سجال عقيم، ولو كان لدى البعض منهم سلاح لما تردد في استعماله ضد مخالفيهِ كما قام السيد محمد حسين فضل الله وهو من كبار رجال الدين في لبنان، باصدار فتوى في شهر رمضان الماضي، كشف مضمونها بشكل واضح مدى اهتمامنا بالهامشي والعادي من الامور في حياتنا، حيث ذكر أن تدخين الصائم في رمضان لا يفطر!.
لا أدري حقيقة ما فائدة إصدار مثل هذه الفتاوى، وهل نحن حقا في حاجة الى تدخين السجائر ونحن صيام؟ وهل للسجائر فائدة صحية بحيث يشكل الانقطاع عن تدخينها اصابتنا بمختلف الامراض أم أن العكس هو الصحيح؟ اريد فقط سببا واحدا، غير فائدة شركات السجائر من اصدار هذه الفتوى، يبين الجدوى من اصدارها؟.
لقد أدخلت هذه الفتوى الكثير من الاطراف في معمعة جدال فقهي لم يهدأ حتى الآن، وزادت من حدة الفرقة بين مختلف الطوائف الاسلامية، فمتى نفيق من عميق سباتنا، ونعي شديد تأخرنا، وندرك عظيم اهتمامنا بالهوامش؟!.