قرارات مفاجئةِِ وغريبة
لا يخالجني شك في ان ايام رئيس النظام العراقي قد اصبحت معدودة، وليس هذا همي حاليا، كما انه ليس موضوع هذا المقال.
ما سأكتب عنه يتعلق بالطريقة العبثية التي اصبحت الامور تدار بها، سواء من ناحية التصريحات الغريبة والعجيبة، او في ما يتعلق بمختلف الاجراءات الحكومية، وخاصة الاقتصادية منها.
بالامس، وفي خطوة جبارة ومدروسة بعمق، تهدف الى تهيئة الكويت لمرحلة عراق جديد، والى الاستعداد لمواجهة التبعات المالية والاقتصادية والتجارية التي ستترتب على كون الكويت الدولة الاكثر قربا والتصاقا بالعراق، والتي كانت وستبقى المورد والمصدر اللذين سيتم عن طريقهما بناء العراق الجديد، قامت حكومتنا الرشيدة، وفي خطوة غير مسبوقة، بالغاء العقد المبرم مع الشركة الوطنية العقارية لادارة المنطقة الحرة، بحجة ان الشركة خالفت شروط العقد!
لا نود الدخول في كلام مطول عن الشركة الوطنية العقارية، وما تقوم بادارته من مشاريع كبيرة، وبرامج التدريب الحيوية، التي تتولاها لمئات الكويتيين، والعدد الكبير من مساهميها الذين تعرضوا لخسائر كبيرة نتيجة قرار الغاء عقد المنطقة الحرة، وما نتج عن قرار الالغاء من هبوط عام في اسعار اسهم الكثير من الشركات، خصوصا تلك التي لديها عقود مماثلة مع الحكومة، ولكن نود التطرق الى الطريقة التي تم بها اتخاذ قرار الالغاء، حيث تبين منه مدى الهوة السياسية الادارية التي نعيش فيها، بحيث اصبحت كافة الامور والاحتمالات واردة من الغاء تراخيص مصارف وايقاف شركات عن العمل، وكأننا نعيش في غابة وليس في دولة دستورية تحكمها مجموعة من المؤسسات راسخة الخبرة والفهم!
ان قرار الغاء عقد ادارة المنطقة الحرة صدر بشكل غريب، وكأنه قرار القاء قبض على مجرم محترف، وأدى نشره الى انهيار قيمة سهم الشركة وارتباك السوق المالي وفقدان ثقة عام بمصداقية العقود الحكوميةِ ولم يكترث من سرب الخبر باعلام من له علاقة مباشرة بالامر، وهي الشركة الوطنية العقارية، سواء صراحة او تلميح، شفاهة او كتابة، بان هناك، ولو نية حكومية بالغاء العقد.
نكرر القول اننا لسنا معنيين، في المقام الاول، بالاسباب التي ادت الى صدور قرار الالغاء، رغم علمنا التام بعدم جدية الاسباب جميعها، بعد ان اطلعنا عليها وعلى ردود الشركة، بقدر اهتمامنا بالشكل الذي صدر به القرار، وكأننا نعيش في دولة بوليسية!
ان الوقت لم يفت، وبامكان النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء الغاء القرار بالطريقة نفسها التي صدر بها، اي بصورة مفاجئة، مع ضرورة الاصرار على عدم السماح مستقبلا بتكرار مثل هذه التصرفات غير العقلانية وغير المنطقية وغير المحترفة، هذا اذا اردنا ان نكون في مستوى الاحداث الكبيرة، التي تجري من حولنا! فمن المؤسف ان تبدأ الكويت المتوقعة لمرحلة ما بعد صدام بمثل هذه القرارات غير القانونية.