ثقتنا بكم كبيرة
نعتقد، ويعتقد معنا كافة القائمين على ادارة مختلف الجمعيات واللجان والهيئات الخيرية، أن النظام العراقي يجب أن لا يتردد في قبول عودة مفتشي الاسلحة الى العراق للتأكد من خلوه من اسلحة الدمار الشامل طالما ليس لديه ما يخفيه! وقياسا على ذلك يجب على كافة الجمعيات واللجان والهيئات والمنظمات والشركات والمؤسسات التي اتشحت برداء الخير عدم التردد في الكشف عن حساباتها وبيان ايراداتها ومصارف أموالها طالما ليس لديها ما تخاف الكشف عنه.
أعلن وكيل وزارة الشؤون عن اختيار مكتب تدقيق حسابات دولي لمتابعة أموال الجمعيات الخيرية ومراقبة مصروفاتها وايراداتها بالتعاون مع ادارة الجمعيات الخيرية والمبرات في الوزارة، وهي الادارة الجديدة التي تم تشكيلها في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لتحل محل اللجنة الوزارية التي سبق ان قام مجلس الوزراء بتشكيلها لمراقبة اعمال الجمعيات، والتي فشلت فشلا ذريعا في مهمتها! ولك أن تتخيل قدرة ادارة في وزارة على القيام بعمل فشلت لجنة من اربعة وزراء في القيام به ضد أخطبوط الجمعيات .
وذكرت الانباء كذلك أن مكتب المحاسبة والتدقيق سيقوم بالكشف على المكاتب الخارجية للجمعيات الخيرية وأفرعها المنتشرة في الدول العربية والاجنبية، وهذه مهمة محكوم عليها بالفشل منذ الآن.
وذكرت الانباء 'المتفائلة' كذلك أن عمل مكتب التدقيق سيشمل الجمعيات والفروع غير المرخصة!.
ولا ادري حقيقة المسوغ القانوني لهذا الاجراء العجيب! .
وعليه يجب اما اعطاء هذه اللجان والجمعيات الصفة القانونية، او حلها فورا منعا لأي لبس أو ابهام.
وذكر وكيل وزارة الشؤون كذلك أن تأسيس الادارة الجديدة في الوزارة واختيار مكتب تدقيق دولي لمراقبة حسابات الجمعيات الخيرية هو للاطمئنان فقط! واعتقد ان هنا مكمن الخطر، فقد كرر كل مسؤول حكومي تقريبا، وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، وكان آخرهم وكيل وزارة الشؤون الشيخ دعيج المالك، القول ان الثقة كبيرة بالقائمين على العمل الخيريِِ وفخورون بدورهم في مساعدة المحتاجين! فاذا كان الأمر كذلك فلماذا نقبل اذا بتكرار زيارات وفود المراقبة الاميركية لبلادنا والكشف عن خصوصياتنا؟ ولماذا نقوم بصرف مئات آلاف الدنانير على مهمة مراقبة حسابات جهات نثق بها، ونفتخر بأعمالها؟ وماذا كانت المحصلة النهائية لكل تلك الثقة التي منحت لهذه الجمعيات واللجان طوال السنوات العشرين أو الثلاثين الماضية، والتي عملت خلالها على جمع الأموال الطائلة لمختلف الاحزاب الدينية المتطرفة؟.
ملاحظة اخيرة: تبلغ قيمة العقد 10 آلاف دينار فقط، وهذا المبلغ يشمل، حسب تصريح الوزارة، كلفة التدقيق ومراجعة الحسابات لجمعية احياء التراث ولجانها البالغة 47 لجنة داخلية وخارجية (!)، وجمعية الاصلاح ولجانها البالغة 54 لجنة داخلية وخارجية، وجمعية النجاة ولجانها الداخلية والخارجية البالغة 14 لجنة، وجمعية النوري وجمعية العون المباشر (افريقيا) ونشاطها الخارجي!.
ونود أن نؤكد هنا، ومن واقع خبرتنا المصرفية والتجارية والمحاسبية، اننا نخدع أنفسنا، ونضحك على الغير ان اعتقدنا حقا ان بالامكان تدقيق حسابات عشرات الفروع المنتشرة حول العالم مقابل مبلغ 10 آلاف دينار!.
ان المبلغ الحقيقي سيكون في نهاية الامر، هذا 'اذا' سارت الأمور كما هو مخطط لها، اكبر من ذلك بكثير، وكل هذا المال سيدفع لأننا 'ِِ فخورون بدور القائمين على العمل الخيري، وثقتنا بهم كبيرة' ولك ان تتصور المبلغ الذي كان سيدفع لو كان الأمر عكس ذلك؟.