لا لضرب صدام
'ليس بخاف على احد ما وصل اليه الحال في العراق، في ظل ممارسات نظام دكتاتوري جثم على صدر الشعب العراقي، ولا يزال، وساقه من حرب عدمية الى اخرى التهمت نيرانها الملايين من الضحايا، واضاعت على هذا الشعب الصابر فرصا مشروعة في التنمية والعيش الكريم، على الرغم من انتمائه الحضاري العريق وامتلاكه لثروات وامكانيات غزيرة تؤهله لان يكون في طليعة الشعوب المتمتعة بأعلى درجات الرخاء الاقتصادي والاجتماعي.
ان النظام العراقي الخارج على القيم والشرائع الانسانية ومقتضيات القانون الدولي، والذي دأب على الرفض المتواصل للقرارات الصادرة عن الامم المتحدة، وعلى رأسها اطلاق سراح الاسرى والمرتهنين الكويتيين وغيرهم، وتدمير اسلحة الدمار الشامل كي لا يستخدمها مرة اخرى ضد شعبه وجيرانه، هذا النظام استند في بقائه واستمراره على صمت عربي مريب عن خطاياه التاريخية، بل ودافع البعض عنه دفاعا يكرس عذاب الشعب العراقي الشقيق وهو يرزح تحت ظلم هذا النظام.
ومن منطلق قدرنا التاريخي والجغرافي والمصيري المشترك، وبالنظر لمعاناة الشعبين العراقي والكويتي من ويلات هذا النظام القائم في العراق، فإننا في الكويت نتطلع ليوم خلاص الشعب العراقي من هذا النظام، مع حرصنا على ان يراعي اي تغيير قادم في العراق الاعتبارات التالية:
أولا: تجنب ايذاء الشعب العراقي المقهور والمغلوب على امره والمحافظة على تراثه التاريخي والحضاري والمدني.
ثانيا: الحفاظ على وحدة الاراضي العراقية وسلامتها.
ثالثا: الحرص على ان يقرر الشعب العراقي مصيره باختيار النظام الديموقراطي الذي يرتضيه.
ان هذه الثوابت ينبغي ان تكون قاعدة لولادة عراق ديموقراطي يستعيد دوره الريادي في منطقة هي بأمس الحاجة الى الاستقرار والسلام والاستغلال الامثل لثرواتها وتنمية شعوبها'.
التوقيع: 'اخوانكم في الكويت'
***
كان ذلك نص البيان الذي صاغته مجموعة من المهتمين بالشأن العام لنشره في صحيفتين عربيتين محددتين بغية توضيح موقف مجموعة كبيرة من مثقفي الكويت من جهة، واستنكار الصمت العربي عن جرائم النظام في بغداد وخطاياه من جهة اخرىِ حمل البيان توقيع 128 شخصية يمثل اصحابها مختلف شرائح المجتمع من اكاديميين ورجال اعمال وكتاب وفنانين ورياضيين وآباء وامهات وابناء شهداء وسفراء ومهندسين ومستشارين وافراد من اسرة الصباح.
تقرر نشر البيان في صورة اعلان مدفوع الاجر، في الصحيفتين العربيتين اللتين تطبعان وتوزعان على نطاق واسع في عدد من الدول العربية والاوروبية، مع الاهتمام بتوزيعه، في الوقت نفسه، على مختلف وكالات الانباء وشبكات التلفزيون العربية واسعة الانتشارِ اسقط في يد اصحاب فكرة اصدار ونشر البيان عندما فوجئوا باعتذار الصحيفة الخضراء عن نشره بحجة انه سياسي!.
بعد اخذ وعطاء استمرا ثلاثة ايام اعتذرت الجريدة الاخرى، البيضاء، عن النشر لأسباب خاصة بها!.
وهنا تقرر نشر البيان في اكبر عدد من الصحف العربية واسعة الانتشار في اماكن صدورها، ولكن ردود افعال تلك الصحف العربية لم تكن بأحسن من ردود الصحيفتين الدوليتين، بل زادت عنهما عندما قام البعض منها بإسماعنا 'محاضرة في الوطنية'!!.
وهنا قمنا باللجوء الى واحدة من اكثر الصحف اللبنانية رصانة ونفوذا لنشر البيان فيها، ففاجأتنا بالقول انها تعتقد ان البيان يشكل تهجما على دولة 'جارة'، ونشره يؤثر في 'الوضع' السياسي للصحيفة، ولكنهم على استعداد لغض النظر عن ذلك مقابل مبلغ 100 الف دولار!!.
وعليه سنضيف كلمة فقط لعنوان المقال ليصبح: 'لا لضرب صدام فقط'!.
أحمد الصراف