قوة الوزير الجار الله
لا أتفق مع التوجه السياسي الديني الحزبي لوزير الصحة الدكتور محمد الجار الله، ولكن ليس بإمكاني كتمان احترامي الكبير لشخصه كمسؤول يعمل بجد لرفع مستوى أداء الوزارة في شتى المجالات، ومحاولة إصلاح ما يمكن اصلاحه في التركة المثقلة التي آلت اليه بكل عيوبها.
لا شك كذلك ان السيد الوزير سياسي بارع، ويعمل على ارضاء مختلف الأطراف، ولكن هذا لم يشغله كثيرا عن مهنته الأساسية كطبيب إنسان قبل ان يكون مسؤولا عن صحتناِ من هذا المنطلق نود ان يتسع صدر الدكتور الجار الله لملاحظتنا التالية والتي تتعلق بصميم عمل وزارته.
اعتقد ان وزارة الصحة ستنتظر طويلا، بعد انتهاء عهد دِ الجار الله بها، قبل ان يشغل حقيبتها مسؤول في مثل مكانته وقوتهِ وبسبب ذلك فإنه أقدر من غيره على القيام بما تتطلبه الوزارة من تغيير جذري.
من واقع خبرتنا الإدارية المتواضعة، نعتقد ان مشكلة وزارة الصحة الأزلية تكمن في حجمها الخرافي وكادرها الوظيفي المترهل والمثقل بآلاف الوظائف الهامشية.
وعليه، فإن ما هو مطلوب من الوزير الدكتور الجار الله هو التوكل والقيام بعملية غربلة كاملة لكافة أنشطة الوزارة وتفتيتها الى وحدات أصغر وبيعها الى القطاع الخاص الأقدر على تقديم الخدمة بطريقة أكثر كفاءة.
لقد سبق ان قامت الوزارة بتلزيم خدمات النظافة الى شركات محلية، وكانت النتيجة ان مستوى الخدمة أصبح أعلى بكثير مما كان عليه عندما كانت الوزارة تقوم بتقديم تلك الخدمة بصورة مباشرةِ كما قامت الوزارة كذلك بخصخصة خدمة تقديم الوجبات الغذائية لنزلاء المستشفى، وأصبحت هذه الخدمة منذ ذلك التاريخ أكثر جودة، سواء من ناحية نوعية الطعام أو مستوى النظافة أو التكلفة النهائية على الوزارة.
وعليه، يمكن للوزارة القيام بعملية خصخصة مختلف القطاعات الأخرى، كالإسعاف والتمريض والمخازن مثلا، ثم السير خطوة أخرى والبدء في عملية بيع بعض المستشفيات العامة لشركات متخصصة، مع احتفاظ الوزارة بحق الاشراف الكامل عليهاِ وبعدها يمكن للوزارة ومسؤوليها التفرغ بشكل كامل للغرض الذي أنشئت الوزارة أصلا من أجله، ألا وهو تقديم الخدمة الطبية بأعلى كفاءة وضمن تكاليف معقولة ومقبولة.
نعتقد، وبكل تواضع، ان أي أمر خلاف ذلك لن يتعدى الحلول الترقيعية أو تأثير الأدوية المسكنة، حيث سيبقى المرض موجودا الى ان يأتي وقت الموت.
ملاحظة: نشكر دِ الجار الله على قراره القاضي بضرورة التحاق الأطباء بنظام التعليم المستمر الذي تنظمه الوزارة بالتعاون مع معهد التخصصات الطبية كشرط للترقيةِ ونعتقد ان هذا القرار سيؤثر ايجابيا في رفع مستوى الطب في الكويت.
أحمد الصراف