محارق جيوب الحكومة (2/1)
'ِِ تقوم وزارة الصحة، ومنذ الخمسينات، وحتى يومنا هذا، بمعالجة المخلفات الطبية بطرق بدائيةِِ' (بدر الحميدي، عضو المجلس البلدي).
***
من اكثر المؤشرات حساسية في قياس تحضر مجتمع ما درجة اهتمامه بالبيئة، ونحن من هذه الناحية، نأتي في مرتبة متخلفة جدا، بالرغم من وجود هيئة عليا وجمعية اهلية وشخصيات مرموقة تهتم بالبيئة.
وربما يقول قائل بان هذه الجهات جميعها لم تكن موجودة من قبل، ويكفينا وجودها الآن، ولو انها لا تعمل بكفاءة، فهذا احسن من لاشيء!!، ولكن هل كانت مشكلة البيئة قبل عشرين عاما مثلا بمثل ما هي عليه الآن من سوء؟ الم تزد نسبة النفايات الصناعية والطبية اضعافا مضاعفة عما كانت عليه قبل عقدين من الزمن مثلا؟ وهل استمرت وتيرة الانفاق على صيانة وتجديد واضافة محارق طبية جديدة مثلا، ام توقف ذلك منذ امد بعيد؟؟.
قرأت بتمعن المقابلة التي اجرتها 'السياسة' مع السيد محمد الصرعاوي، مدير عام الهيئة العامة للبيئة، وشعرت في نهاية المقابلة بالاسف الشديد، والألم العميق على الوضع الخطير للبيئة في الكويت، كما انني لم اسعد كثيرا بأجوبة مدير عام الجهة التنفيذية الاولى المسؤولة عن صحة البيئة في هذا المجتمع، الذي اصبحت بوصلة اكثر من مرفق فيه لا تعمل بطريقة سليمة، او غير موجودة اصلا!!.
بعد مرور اكثر من 6 سنوات، او 2200 يوم على انشاء الهيئة العامة للبيئة وبوجود 15 مديرا لها لمختلف الانشطة، يقول مديرها العام بأنها الآن في مرحلة التأهيل وبصدد مناولة القضايا واحدة واحدة!!.
تبين من اجوبة المدير العام ان هناك نفايات عضوية وصلبة وانشائية، كما ان هناك مشكلة البرك النفطية التي لا يزال هناك منها 200 بركة، وبعد مرور اكثر من 12 عاما على التحرير!! وتوجد كذلك مشكلة نفايات المصانع وما تمثله من خطر على الهواء والبيئة البحرية.
وتبين من اجابات المدير العام ان لدى وزارة الصحة 6 محارق طبية تمت التوصية باغلاقها جميعا بسبب نقص الكفاءة، ولكن لم يتم اغلاق سوى اثنتين فقط، واستمرت الوزارة في استعمال البقية بحجة انه لا حل لديها غير ذلك، وانها تشرف على ادائهاِِ ولا ادري ماذا كانت تفعل قبل ذلك؟.
كما تبين من اجابات المدير ان محرقة الشعيبة 'الطبية' التي تم افتتاحها في ابريل الماضي على سبيل التجربة تعمل دون المستوى المطلوب، كما انها لا تستوعب كمية النفايات الناتجة من المستشفيات علما بانها لم تنشأ اصلا لاستعمالها كمحرقة للنفايات الطبية بل لحرق المواد الكيماوية كالبلاستيك، وتتم عملية الحرق فيها تحت درجة 850 درجة وهذه درجة حرارة منخفضة مقارنة بالمواصفات العالمية لحرق النفايات الطبية التي اقرت قبل 5 سنوات والتي تتطلب درجة حرارة لا تقل عن الف درجة!! وينتج عن حرق النفايات الطبية تحت درجة اقل من المعدل انبعاث غازات 'ديكوسين' السام جدا والذي تنتجه حاليا محارق كافة المستشفيات تقريبا، باستثناء محرقة المستشفى الاميري، والتي توقف العمل بها بعد تدخل السفير البريطاني نتيجة تأثيرها السيئ والخطر على محيط منطقة المستشفى الذي تقع السفارة البريطانية ضمنه(!).
وذكر في المقابلة أن مجلس الوزراء اقر مبلغ 3.5 ملايين دينار لوزارة الصحة لشراء محرقتين كبدائل للمحارق المستهلكة والخطيرة الموجودة لديها، كما ان الوزارة بصدد طرح مناقصة جديدة لشراء محارق تعمل بنظام التعقيم الفوري للمواد الطبية قبل حرقها، وهذا هو موضوع مقالنا المقبل حيث هنا تكمن المصيبة.
أحمد الصراف