التخلف ووسائل الحضارة
خرج 'جيم' من منزله في تمام الثامنة صباحا، بعد ان أنهى حلاقة ذقنه بشفرة جديدة، وقام بارتداء احسن ملابسه، ووضع قدميه في زوج من الأحذية اللامعة، وغمر وجهه بكم هائل من الكولونيا (العطر)، وخرج من منزله الكبير والمكيف وجلس خلف مقود سيارته الفارهة في طريقه الى مجلس الامة لممارسة حقه الحضاري في حضور جلسة استجواب وزير المالية.
وتصادف في الوقت نفسه خروج 'حاء' من منزله بعد ان قام باداء الامور نفسها التي قام بها 'جيم'، مع فارق واحد يتعلق بنوعية المركبة التي استقلها، حيث كانت من نوع أصغرِِ لكن أغلى بكثير!.
عند مدخل مواقف سيارات مجلس الامة، وبدون سابق معرفة بينهما، وبسبب التسابق والاستعجال على حجز موقع جيد في صالة المعركة المتوقعة بين الوزير ومستجوبيه، حدث تصادم عنيف بين السيارتين الفارهتين، وحيث ان الخطوط الارضية لم تكن واضحة الى درجة يمكن عن طريقها تحديد المخطئ منهما، فقد بدأت المعركة بين سائقي المركبتين أولا بلوم كل منهما الآخر وتحميله المسؤولية، ثم تطور الامر وحدث تشابك بالأيدي وطارت على اثرها أغطية الرأس واستعملت العقل الكويتية في المعركة بعد ان غاب العقل عن ساحة النزال!.
اظهرت هذه المعركة البسيطة بأننا، وبالرغم من تملكنا لكل أدوات الحضارة: من بيت وادوات حلاقة وملابس مدنية واقلام للكتابة وهواتف نقالة ومفكرات للجيب، وقيادتنا لسيارات تتجاوز قيمة البعض منها قيمة منزل كامل في الكثير من الدول، الا ان بذور التخلف بقيت قابعة خلف اذهان الكثيرين منا، بحيث اصبح الاستعداد للدخول في معركة بالأيدي من الامور المتوقعة في اية لحظة، وصفحات صحف الفضائح والجريمة تطفح يوميا بمثل هذه الأخبار.
أحمد الصراف