وأخيرا عاد لنا نصف رشدنا
أيدت هيئة الفتوى التابعة للإدارة العامة للافتاء والبحوث الشرعية في وزارة الأوقاف الدعوة التي وجهها وزير العدل ووزير الأوقاف أحمد باقر يوم السبت 11/5 إلى خطباء المساجد بأن يكفوا عن الدعاء ضد النصارى في خطبهم.
والحقيقة، ان الامر كان في غالب الأحيان، ولا يزال، في مستوى الشتيمة وليس فقط الدعاء ضد النصارى واليهود وبقية خلق الله.
قدمت هيئة الفتوى تبريرا لفتواها بالقول انه يجوز من باب السياسة الشرعية لولي أمر المسلمين، وولي أمرنا هنا هو السيد أحمد باقر، وفي أحوال خاصة طارئة يقدرها، ان يطلب من الدعاة والخطباء التوقف عن الدعاء على فئات معينة من 'الكفار' لما بينهم وبين المسلمين من عهود ومواثيق ومصالح تتعطل بلعنهم اذا كانوا لا يقومون بإيذاء المسلمين مدة ذلك العقدِ وأوضحت الفتوى ان هذا الطلب يبقى قائما ما دامت المصلحة الداعية اليه متوفرة وإيذاء هؤلاء 'الكافرين' للمسلمين متوقفاِ(!)
نرحب، وبتردد كبير، بهذه الفتوى، التي بالرغم من انها جاءت ناقصة، الا انها خطوة على الطريق الصحيح، ولكن لا نعتقد بأن الأمر سينتهي عند هذه النقطة، فمن جهتنا سوف لن نسكت الى ان تتوقف كافة أنواع الإساءة لأي شعب أو معتقد كان.
ومن المتوقع ايضا 'أنهم' سوف لن يسكتوا حتى يتحقق لهم إجازة وتحليل شتم ولعن كافة شعوب الأرض، بمن فيهم طوائف كثيرة وكبيرة من المسلمين بالذات!
لا أدري ما الذي استجد مؤخرا بيننا وبين المسيحيين بحيث استوجب الأمر إصدار هذه الفتوى، ولكنني سأفترض بأن هيئة الافتاء رأت ان من المناسب تأييد رأي الوزير و'التفضل' بالصدقة على النصارى بعدم الدعاء عليهم من منابر المساجد، فإذا كان الامر كذلك، ولا أخاله خلاف ذلك، وحيث ان القرآن الكريم يطالب المسلمين بعدم نهر السائل ورده أو رفض طلبه بالقول الكريم، فلماذا تعمد اذا من أصدر الفتوى على تكرار القول الفظ في تلك الفتوى والإصرار على تسمية المسيحيين تارة بالنصارى وتارة بالكفار وثالثة بالكافرين؟! ألم يكن من الأجدى والأكرم مخاطبتهم بصفتهم من أهل الكتاب مثلا، والاكتفاء بتسمية واحدة، خاصة ان هدف الفتوى كان ولا يزال من أجل تحسين العلاقة مع الآخر؟ فكيف يمكن ان يتحقق ذلك ونحن نصر على التقبيل من هنا والضرب تحت الحزام من هناك؟
ومن تكون الهيئة أو غيرها لكي تصنف هذا بالكافر وذلك بالمؤمن؟.
ِِ والله أعلم بعباده.
¹¹
ملاحظة:
ما ان انتهيت من كتابة هذا المقال صباح الاثنين 20/5 حتى قرأت تصريحا للوزير باقر ينفي فيه وجود 'قرار' يمنع الدعاء على اليهود والنصارى! ولكنه استدرك قائلا ان هناك فتوى اصدرتها الوزارة عام 94 تحرم الدعاء ضدهم(!).
وتعال حل هذه الكلمات المتقاطعة، وفسر هذا التلاعب بالألفاظ والأقوال!.
أحمد الصراف