صفعة وزارة الصحة
ماذا لو قامت وزارة التجارة بحظر استيراد أية مواد أو أدوات أو آلات ما لم ترفق بها كتيبات أو بطاقات تعليمات وإرشادات تبين، وباللغة العربية بالذات، محتويات تلك المواد وطريقة الاستعمال أو أية ملاحظات هامة أخرى؟
لا أعتقد ان احدا سيعترض على هذا الأمر، بل ربما يكون العكس هو الصحيحِ وماذا لو قامت مؤسسة خاصة أو حكومية بمهمة ترجمة كل ما يصدر عن دور النشر في العالم من روايات وسير وأبحاث؟ الأمر هنا أيضا مقبول، بل ومطلوب بشدة؟
ولكن ماذا عن تلك المحاولات التي يقوم بها البعض والتي تتعلق بتعريب العلوم الطبية؟ وهل هناك طائل من وراء كل هذا الجهد المبذول في تعريب علوم قابلة للتغير في أية لحظة؟ بل ربما تكون من أكثر العلوم سرعة في التغيير على كافة الأصعدة والمجالات؟
وهل لدينا ذلك العدد الهائل من الأطباء نادري التخصص، بحيث يمكننا الاستغناء عن عدد كبير منهم ليقوموا بترجمة مختلف المنشورات والمجلدات والدوريات، وآخر الاكتشافات الطبية من مصادرها الانكليزية، في الولايات المتحدة واستراليا وكندا والمملكة المتحدة، ومصادرها الأخرى باللغات الفرنسية والايطالية والصينية والألمانية والسويدية وغيرها من اللغات الحية، الى اللغة العربية ليقرأها الطبيب الذي لا يعرف غير لغته؟.
كتبنا في أغسطس 2001 مقالا انتقدنا فيه بعض أهداف 'المركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية'، وخصوصا ذلك الهدف المتمثل في الدعوة لتعريب مواد التعليم الطبية في الجامعات العربيةِ وقد تصدى لنا وقتها احد المستفيدين من وجود المركز، وهو السيد يعقوب الشراحِ الذي عاب علينا في رده بعدم تخصصنا في الطب وعدم أحقيتنا بالتالي في الكتابة عنه! ولكنه نسي أو تناسى في الوقت نفسه ان جهله في هذا العلم لا يقل عن جهلنا، ولكننا طرف محايد في ما نكتب، أما هو فطرف مستفيد، وشتان بين الموقفين.
كما حاول أيضا، القول إننا نهاجم قضية التعريب عموما، وهو الأمر الذي لم نقله ولم يرد ذكره في آلاف المقالات التي قمنا بكتابتها طوال السنوات العشر الماضية، وهذا ليس دفاعا عن النفس بقدر ما هو رد على من يرغب في الصيد في العكر والقذر من المياه!
قبل أربعة أيام بالتمام والكمال، وبعد عشرة أشهر من نشر مقالنا سابق الذكر، قامت وزارة الصحة في الكويت بالتحفظ على تعيين أي طبيب من خريجي الجامعات الروسية والسورية في المستشفيات والمراكز الصحية(!) وبررت تلك المصادر هذا التوجه بأن المسؤولين في معهد الكويت للاختصاصات الطبية يرون ان هؤلاء الخريجين لا يواكبون في دراستهم التطور الدراسي في أوروبا وأميركا وكنداِ كما ان مستوى اللغة الانكليزية لديهم ضعيف(!).
فإذا كانت هذه حال خريجي واحدة من أوائل الدول العربية، وربما الوحيدة حتى الآن، في مجال تعريب الطب، فماذا ستكون عليه حالنا نحن القادمين الجدد؟ وما هو تعليق المشرفين والمنتفعين في المركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية على قرار وزارة الصحة؟ وألا يعتبر هذا صفعة لجهودهم؟
نكرر هنا مجموعة التساؤلات التي وردت في الفقرة الأخيرة من ردنا الذي نشر بتاريخ 8/1/2002 والتي لا نزال ننتظر الإجابة عنها: 'ِِ نرجو من السيد الشراح التفضل بتزويدنا ببرنامج وخطة التعريب المتبعة في المركز الذي سبق ان أنشئ بقرار من الجامعة العربية قبل أكثر من عشرين عاما، وتولى أمانته دِ عبدالرحمن العوضي منذ ذلك الحين وحتى اليومِ كما نتمنى عليه إفادتنا بالفترة التي ستستغرقها عملية تعريب الطب في الجامعات العربية وتحديد ما تم تعريبه حتى الآن، والتكلفة النهائية للبرنامج والكيفية التي ستتم بها الاستفادة من المادة المعربة، والجهة التي ستقوم بفرض النص المعرب على المعاهد والكليات الطبيةِِ إلخ'.
ملاحظة: استثنت وزارة الصحة مستشفيات القطاع الخاص من الحظر المفروض على تعيين الأطباء من خريجي الجامعات الروسية والسورية! ولا أدري لماذا اعتبرت الوزارة المعنية صحة وحياة مراجعي هذه المستشفيات أرخص وأقل أهمية من صحة مراجعي المستشفيات الحكومية؟!.
أحمد الصراف