إنقاذ أرواح الروحية
تقوم السلطات الأمنية، بين الفترة والأخرى، بإتلاف ما تقوم بمصادرته من مخدرات أو مشروبات كحوليةِ وكانت الحكومة عادة ما تدعو وسائل الإعلام لمشاهدة عملية الإتلاف تلك، ولكنها توقفت في الفترة الأخيرة عن فعل ذلك، وخاصة عملية تكسير زجاجات المشروبات المسكرة، ربما بسبب 'تبخر' بعضها او ضياع البعض الآخر أو لأسباب أخرى ليس لنا علم بهاِ وكانت عملية تحطيم وإتلاف زجاجات المشروبات الكحولية المصادرة تحت عجلات المداحل مثار الكثير من التعليقاتِ كما كنا ولا نزال نسمع الكثير من الاقتراحات بشأن كيفية التصرف بمثل تلك المواد الممنوعة عوضا عن إتلافها بتلك الطريقة غير المجدية او المقبولةِ وربما كان اقتراح تسليم تلك المشروبات لمختبرات وزارة الصحة لاستخلاص مادة الكحول منها للأغراض الطبية، بدلا من استيرادها من الخارج بأثمان باهظة اكثرها مدعاة للاهتمام.
في مقابلة مع نائب رئيس الوزراء ووزيرالداخلية، الشيخ محمد الخالد، طرحنا عليه الفكرة فقال انه لا يعارضها شخصيا ولكن الأمر يتعلق بالنيابة العامة حيث ان كل ما يصادر يسلم لهاِ قمنا بالاتصال بأحد الإخوة الأفاضل هناك فأفاد بأنه لا يجد مانعا من تنفيذ اقتراحنا شريطة موافقة وزارة الصحة على الأمرِ قمنا بالاتصال بالصيدلي الممتاز السيد عيسى الخليفة، وكيل وزارة الصحة للشؤون الدوائية، فأفادنا بأن الاقتراح جيد ولكن التكلفة ستكون عالية جدا ومن الأوفر للوزارة استيراد حاجتها من الكحول النقي مباشرة من الخارج.
وهكذا سقط اقتراحنا الذي كنا نأمل من ورائه انقاذ بعض من أرواح تلك المشروبات الروحية.
لا شك ان هناك طريقة مجدية وأكثر عملية يمكن بها التصرف بتلك المواد المحرم استهلاكها في الكويت بموجب قانون واضح، ولا أملك شخصيا اجابة واضحة او مقنعة لهذه الاشكالية، كما ان من غير المعقول اقتراح بيعها في الاسواق الخارجية، حيث ان المشكلة لن تنتهي بل سيخلق لنا أمر التصرف بحصيلة بيع تلك المواد مشكلة اكثر صعوبة على الحل والفهم.
والجدير ذكره ان المسلمين، ولقرون عديدة، قاموا وحتى فترة قصيرة جدا بدفن ذبائح يوم الاضحى بسبب كثرة عددها في يوم النحر وقلة المستفيدين من لحومها، وتحريم التصرف بها بطريقة اكثر جدوىِ ولم تتوقف عملية دفن مئات ألوف الخراف المذبوحة بالبولدوزرات الا مؤخرا، وبعد صدور فتوى 'تقدمية' وعملية جدا تبيح تعليب لحوم تلك الاضاحي والاستفادة من جلودها وعظامها.
من هذا المنطلق نعتقد بأن من غير المجدي بتاتا الاصرار على اتلاف وتكسير ودفن زجاجات المشروبات الروحية المصادرة بتلك الطريقة، وندعو هنا الى قيام فرد او جهة ما بامتلاك الشجاعة الكافية، والخروج علينا بحل لهذه الاشكاليةِِ فهل هناك طرف شجاع وملتزم ومؤمن يكون في إمكانه الإدلاء بدلوه في هذا الموضوع؟ نأمل ذلك!.
أحمد الصراف