مائة مليون وزارة الدفاع

ِِوجاءت اولى المفاجآت، التي سبق ان توقعنا وقوع عدد منها، عندما اعلن ديوان المحاسبة عن موافقة على صرف اكثر من مائة مليون دولار اميركي على تعديل هياكل الزوارق الحربية المتعاقد على بنائها مع فرنسا، التي تطلب الوضع تعديلها بعد ان 'استقر' الامر على تزويدها بصواريخ بريطانية من نوع 'سي سكوا' والتي لم تصمم اصلا لهذه الزوارق الحربية!
لم ينته الامر عند هذا الحد، حيث من المتوقع اجراء تعديلات مكلفة اخرى مستقبلا، فور اجراء تجربة حية لاطلاق هذا الصاروخ من سطح هذه النوعية من الزوارق.
كما سبق وان تم 'اكتشاف' مشكلة فنية اخرى في تلك الزوارق الحربية بعد ان اجريت عليها اول تجربة حية، حيث تبين انها تميل، او تنحرف بشدة، بمجرد قيامها بمناورة دورانِ كما ان خط سيرها غير مستقيم للمسافات الطويلة! ويعتقد بان الرادار الفرنسي 'طومسون' الذي تم تركيبه على تلك الزوارق الفرنسية على الرغم من معارضة الشركة المصنعة لم يصمم، اي الرادار، لتلك الزوارق، وهي التي تسبب ميلانه وانحرافه بسب وزنه الكبير مقارنة بوزن الزورق وحجمه.
ان مصير هذه الزوارق الحربية ربما لن يكون احسن من مصير قوارب 'الناجا'، التي سبق ان قامت الكويت بشرائها بعد التحرير بفترة قصيرة، والتي تبين ان حجم ووزن وقوة محركاتها لاتتناسب اطلاقا مع حجم الزورق حيث ترتفع مقدمته بشدة الى الاعلى فور تحركه الى الامام.
وتمت التوصية في حينه بشراء وتركيب مدافع ثقيلة على مقدمة الزورق لحفظ توازنه، ولكن تبين عدم جدوى تلك الفكرة بعد ان وضعت اكياس رمل واثقال من الرصاص تعادل وزن المدفع المقترح وفشلت التجربة!.
وقد انتهى الامر بتلك الزوارق الاثني عشر الى 'الفضاء'، بدلا من البحر، حيث لا تزال معلقة في مخازن البحرية منذ عشر سنوات، ونأمل مخلصين ان لا يكون مصير الزوارق الفرنسية بصواريخها البريطانية غير المجربة برادارتها فرنسية الصنع كمصير قوارب 'الناجا'.
هذا نص مقال كتبناه ونشر في 'القبس' بتاريخ 26/11 اي قبل خمس سنوات تقريباِ وقبل ايام فقط قامت القوات البحرية، في احتفال مهيب حضره كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين وبحضور عضو في مجلس الامة وجمع من الصحافة، بأول تجربة في العالم لاطلاق صاروخ 'سي كوا' عن ظهر قارب حربي! وقد بدت مظاهر الاكتئاب والضيق على قيادات القوة البحرية نتيجة فشل التجربة وعدم اصابة الصاروخ الاول لهدفه! وعلى الرغم من ان التجربة الثانية كانت ناجحة الا انه من الصعب ان ننكر ان نسبة الفشل كانت 50%!! وهي نسبة متدنية بكافة المقاييس.
لا نود الحديث عن العمولات والصفقات، فالطيور قد طارت بأرزاقها و'وقعت الفاس بالراس'، ولكن نأمل ان نتعلم من هذه التجربة، وان نضع مصالح الوطن ورأي الخبراء العسكريين فوق اعتبارات المصالح الشخصية، وهذا ليس بالامر الهين، ولكن ثقتنا بالمسؤول الحالي كبيرة جدا.

ملاحظة
ذكرت 'القبس' (12/3) نقلا عن القوات البحرية الكويتية ان بريطانيا، وهي الدولة المصنعة لصواريخ 'سي سكوا'، لم تقم في يوم ما باجراء تجربة حية على هذه الصواريخ، وان الكويت هي الدولة الاولى في العالم التي تجري مثل هذه التجربة!.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top