لا أسمعِِ لا أتكلمِِ لا أرى

لم أتفق يوما مع السيدين عادل القصار وعجيل النشمي، كما اتفقت معهما فيما صرحا به، وكتبا عنه من اعتراضات على ما قامت وتقوم به وفود التحقيقات الأميركية من عمليات تفتيش وبحث وتنقيب في سجلات مؤسساتنا الأهلية والرسمية بحجة مكافحة الارهاب.
ولا أعتقد ان احدا يرضى، مهما بلغت قوة ميوله للغرب وسادته، بان تقوم جهات تمثل تلك القوى بالتفتيش على مؤسساته وتعرية أموره، ولو وضعنا الخطر الذي يمثله النظام العراقي على استقلال البلاد جانبا، لما وجدنا عاقلا يرضى بوجود قواعد لقوات أجنبية على أراضيهِ ولكن ما الامر الذي استلزم تواجد مثل تلك القوات؟ وما الذي استوجب وجود مفتشين من قوى أجنبية في دوائرنا وجمعياتنا ومؤسساتنا الرسمية والشعبية؟
ألا يقف صدام وزمرته المجرمة وراء تواجد تلك القوات الغربية على أرض الكويت للدفاع عن حريتها وكرامة أبنائها؟
وهل من التطرف الادعاء بان سبب ما نراه من انتهاك لخصوصياتنا يعود لشطط تصرفات بعض جمعياتنا الخيرية، وفشل سياساتنا الرقابية وعجز مؤسساتنا السياسية والتشريعية؟ وأين كان الكتاب الاسلاميون من عشرات، لا بل آلاف المقالات والتصريحات التي طالما كتبت وقيلت منذ سنوات طويلة مطالبة بتنظيم العمل الخيري ومراقبة موارد عشرات الجمعيات واللجان غير الشرعية، التي انتشرت في البلاد كالفطر البري، والتأكد من سلامة سجلاتها ومعرفة طرق صرف أموالها وإلى أين ذهبت مليارات الدولارات التي قامت بتجميعها على مدار عقود ثلاثة عجاف؟
ولماذا سكتوا على عشرات الحوادث التي تورط فيها أكثر من طرف منتم لجمعية خيرية هنا أو لجنة عالمية هناك، ولم يشجبا أو يدينا تصرفات من قام بتلك الاساءات لوطنه وأهله؟
ان ما يطالب به البعض من ضرورة اعادة صياغة وتحديث المفاهيم الدينية، وقولبة النظم والسياسات المالية والاقتصادية للمؤسسات المصرفية والخيرية، لم يأت من فراغ، بل جاءت تلك المطالبات كرد فعل طبيعي على فشلنا في تنظيم حياتنا وعجزنا عن قوننة مؤسساتنا، وإخفاقنا في مراقبة أعمال وتصرفات عشرات جمعيات 'الهبش والنبش'!.
وعليه، يجب ان نتوقف عن توجيه اللوم للآخرين، فما حدث لم يكن ليحدث لو لم يكن الكثيرون منا من جماعة 'لا أسمع، لا أتكلم، لا أرى'!.
¹¹
ملاحظة:
ان اعتراف الحكومة، بطريقة غير مباشرة، بعجزها عن وضع حد لمشكلة المتاجرة بالإقامات يعني باختصار ان المستفيدين يشكلون بمجموعهم قوة ضغط أكبر بكثير من القوة المضادة لها، على افتراض وجود تلك الاخيرة!.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top