حرب الجبناء

كثيرا ما وصفت الحرب الأميركية الأخيرة في افغانستان ب'حرب الجبناء'ِ وتكرر اطلاق هذا الوصف مع مرور الأيام وإصرار سلاح الطيران الأميركي على ضرب معاقل طالبان وقواعد تنظيم القاعدة من الجو وتجنب المواجهة العسكرية معهم!
وبالرغم من حقيقة هذا الأمر، أي تجنب المواجهة العبثية وجها لوجه، الا ان ذلك لم يكن وللعديد من الأسباب المنطقية من منطلق الخوف أو الجبن، بل لان للروح الإنسانية عندهم قيمة ليس من السهل التفريط بها والقاؤها للتهلكة طالما كانت هناك وسائل قتال أخرى تغني عن ذلك، اما محاولة اظهار الشجاعة في غير محلها فقط لإرضاء هذا الطرف أو تلك الجهة فهو الغباء بعينه!
وربما من المفيد هنا ان نذكر بالتصريحات التي دأب أكثر من زعيم في المنطقة على تكرار اطلاقها في السنوات الأخيرة والتي تعلقت بمسألة عدم الاكتراث بخسائرنا البشرية في أية معركة أو حرب ندخلها! وان العدو، والذي عادة ما يكون اسرائيليا أو أميركيا او اوروبيا، ليس بمقدوره تحمل تلك الخسائر البشرية مثلما نتحمل! ولكن لم يتبرع أي زعيم من هؤلاء باعطائنا تفسيرا منطقيا يفسر هذه الظاهرة؟
نعود لموضوع الحرب الأميركية في افغانستان والتي سميت ب'الحرب الجبانة' ونقول اننا سنتفق معهم في هذا الوصف، وحيث ان هذا يعني انهم جبناء، فانه يعني بصورة تلقائية اننا نحن الشجعان، واننا وحدنا من يطلب الشهادة من خلال سعينا لملاقاة العدو 'الكافر' وجها لوجه، فإما النصر وإما الموت في سبيل ما نؤمن به ونعتقد! وفي هذه الحالة من حقنا طرح الاسئلة التالية:
أين كان بن لادن والظواهري وأبو غيث ومن لف لفهم عندما اقتحمت قوات تحالف الشمال الافغانية مدينة مزار شريف؟ ولماذا لم يقوموا بمواجهتهم والالتحام معهم وجها لوجه؟ ولماذا جبن هؤلاء وبقية شرذمة 'القاعدة' عندما تبين لهم ان العاصمة ستسقط خلال ساعات في أيدي اعدائهم؟ ولماذا لم يقوموا بمواجهة مهاجميها؟ وأين كان إيمان الملا عمر وشجاعة بن لادن وشركائهما من أمثال أبو حفص وأبو فحص وأبو سعف النخيل عندما اقتربت القوات المناوئة لهم من معاقلهم في قندهار؟ ولماذا جبنت ورفضت قواتهم الالتحام بجنود الكوماندوس الاميركيين والأفغان في تلال وجبال تورا بورا؟ ولماذا لم يظهر بن لادن ولم يسمع صوته في اية معركة على مدى اكثر من شهرين كاملين وهو الذي كان يذرع الجبال والبراري والقفار 'متمخطرا' على ظهر حصانه الأشهب وبندقية 'الكلاشين' معلقة بكتفه وسكينته اليمنية مغروسة بحزامه المخفي؟ ولماذا ترك حلفاءه من الأفغان ومن طالبان لمصيرهم القاتم وتخلى عنهم بسرعة عجيبة وهرب كالجرذ المذعور للاختباء في المغاور والكهوف الجبلية حاملا معه الموت اينما ذهب؟
لقد كانت حقا حرب الجبناء، كما ذكر السيد زياد أبو غنيمة في برنامج 'الاتجاه المعاكس' ولكن من هو الطرف الذي استحق اللقب أكثر من غيره؟
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top