الغرس السيئ
كتبت أكثر من صحيفة، وكان آخرها 'الطليعة'، وكتب اكثر من زميل، وكان آخرهم محمد مساعد الصالح وعلي البغلي، منتقدين الطريقة وحجم الاموال التي تم صرفها على مشروعي مكافحة المخدرات الاعلانيين اللذين تمثلا في الحملة الاولى 'وأنا بعد وياكم'، والثانية 'تكفون افهموني'! وعلى الرغم من مرارة تلك الانتقادات ومنطقية ما ورد فيها من تساؤلات عن حجم الاموال التي صرفت على تلك الحملات والتي بلغت أرقاما فلكية، وعلى الرغم من كل ما تم توجيهه من اتهامات تتعلق بفشل المشروع وعدم جديته وانه كان من الاجدى صرف تلك الاموال على انشاء مصح لمعالجة مدمني المخدرات، اقول على الرغم من كل ذلك لم تتبرع جهة واحدة للرد على كل ذلك الكم من الاتهامات، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ان في الامر شيئا ما، وان هناك جهة 'متنفذة' مستفيدة من الوضع الى اقصى درجة، ولا تريد بالتالي اثارة الامر على صفحات المجلات والصحف وتفضل اكل العنب بهدوء وصمت تامين!.
نعلم أن هناك لجنة وطنية لمكافحة المخدرات، وان هناك جهة شعبية نشطة تعمل تحت مسمى 'المدمن المجهول'، وان هناك جهة رسمية اخرى تعمل تحت مسمى آخر لا تعرف طريقة لمعالجة مشكلة المدمنين غير اخذهم في رحلات عمرة بين الفترة والاخرى.
ونعلم ان هناك جهات حكومية وشبه رسمية وشعبية مانحة ومتبرعة لمئات آلاف الدنانير لتمويل هذه الحملات الاعلانية العبثية المكلفة، ونعلم ايضا أن اكثر من طرف من الاطراف اعلاه يعلم يقينا بأن المشروع فاشل 100%، وانه لم يسبق ان اتبع في اية دولة في العالم، فلا يمكن ان تحارب مشكلة اجتماعية خطيرة كإدمان المخدرات عن طريق نثر اعلانات شوارع ساذجة لا يعرف احد ما ترمي اليه ومغزى الرسالة التي ترغب في ايصالهاِ وعليه، من حقنا ان نتساءل عن السبب الذي تقاعست فيه كافة هذه الجهات والاطراف الرسمية وغير الرسمية، وطوال اكثر من سنة، عن الرد على كم الانتقادات والملاحظات وسيل الاتهامات التي نشرت في الصحف والتي طالت اغلبها؟ فلماذا لم تتحرك جهة واحدة على الاقل لتوضيح الامر؟ وهل يتعلق الامر حقيقة بما يشاع من تعلق مصلحة اكثر من طرف بما يصرف على هذا المشروع من اموال طائلة؟.
إننا نطالب، ولو نائبا واحدا من نواب مجلس الامة، بالتحرك وتوجيه سؤال لوزير العدل ووزير الاوقاف بالذات، يتعلق بطبيعة هذا المشروع وأسماء المستفيدين منه والنتائج التي حققتها الحملة الاعلانية حتى الآن وأسماء اطراف العقود المبرمة.
وعندما تنشر وتعرف هذه الامور فإننا سنعرف وقتها الكثير مما يحرص المعنيون بالأمر على إبقائه 'مغيبا' و'مخدرا'!!.
أحمد الصراف