من يعالج مدعي العلاج؟
يزخر الكثير من المطبوعات الكويتية والمجلات المصقولة منها بالذات، التي يمتلك ويرأس تحرير احداها رئيس مجلس ادارة ما يسمى بجمعية الصحافيين الكويتية، بالعديد من الصفحات المخصصة لمدعي العلاج بالقرآن وتفسير الرؤى والاحلامِ وقد قمنا في اكثر من مقام ومقال بالتحذير من هؤلاء ومن الطرق الغريبة والعجيبة التي يقومون باللجوء اليها للترويج لاعمالهم وزيادة مداخيلهم.
وقد حذر السيد علي ابو الحسنين، رئيس الافتاء في جامعة الازهر، من اولئك الذين يستغلون آيات القرآن في الشعوذة وادعاء امكانية علاج الامراض العضوية من خلال شرب مياه تنقع فيها اوراق تحمل آيات، او تحرق وتستخدم كبخور للمرضى!! وقال في رد لوكالة الانباء الكويتية بالحرف الواحد: 'ان من يدعي العلاج بهذه الطريقة مجرم آثم وآكل لاموال الناس بالباطل، وانه يعجب ممن يستغل جهل الناس بدينهم فيتخذ لنفسه عيادة يستقبل فيها المرضى فيكتب الآيات القرآنية في اناء تمحى بالماء ويأمر المريض بشربه، او تكتب الآيات على قطع صغيرة من الورق ثم تلف او تقطع ويطلب من المريض ابتلاعها او تحرق ويبخر بها المريض'!
بالرغم من كل الكتابات والتحذيرات لايزال عدد كبير من هؤلاء يمارس العلاج بالقرآن دون وازع من ضمير، والاهم من ذلك دون وجل من محاسبة، في دولة ذات سلطة تخاف الوقوف في وجه هؤلاء المشعوذين الذين تملأ صورهم وتصريحاتهم وطرق علاجهم الكثير من الصحف والمجلات المحلية يعيثون في الارض فسادا وينشرون بين الناس جهلا، ولا يبدو ان هناك من مكترث من المسؤولين او معارض من رجال الدين!
ان عملية استغلال بساطة البعض صنعة قديمة قدم البشرية وعملية مستمرة وقابلة للانتشار طالما لم يوقفها احد عند حدها، فكيف الحال ان كان هناك من يشجعها ويفتح لها المجال في الاذاعة والتلفزيون يذيع ويبث من خلالها امراضه النفسية وخزعبلاته وما تجمع لديه من ترهات واباطيل؟
لا يبدو ان ما نقوم بكتابته في هذه الزاوية قد اثر كثيرا في الحد من ظاهرة استغلال الكتب المقدسة ضمن وسائل وطرق العلاج التي يقدمها هؤلاء، ويعود سبب ذلك باعتقادنا الى ان غالبية قراء صفحة المقالات هم ممن لا علاقة لهم عموما بهذه النوعية من طرق العلاج اصلا، وهم بالتالي ليسوا بحاجة ماسة للتوعيةِ اما تلك التي تحتاج الى من يرشدها فهي من غير قراء الصحف الجادة، وان قرأت مقالا هنا او نقدا هناك فان الامر عادة لا يستهويها، وان حدث ذلك فانها كثيرا ما لا تكترث بما يكتبِ وعليه من العبث تحذير هؤلاء ولفت نظرهم لخطر اولئك المشعوذين من قارئي الفناجين وشارحي الاحلام وكاشفي الغيبيات، كما ان من العبث مطالبة من يسمون انفسهم بالمعالجين، وما هم الا بمرتزقة من الكتب الدينية، بالتوقف عن تدمير المجتمع وتخريب عقول افراده والاثراء غير المشروع من اعمالهم وافعالهم، حيث ان لهم مصلحة مادية كبيرة وربحا وفيرا!
وعليه يقع الحق بكامله على كاهل الحكومة 'المنسجمة'، التي يبدو ان عملية تجهيل الشعب وتسخيف عقليته ونشر الخرافات بين افراده تعمل في صالح بعض افرادها على المدى البعيد وتلهي شريحة كبيرة من المجتمع عن مسؤولية مراقبتها وانتقادها!
أحمد الصراف