الوهم الكبير
بالغت الكثير من الاوساط السياسية في توقعاتها، لا سيما اصحاب التوجهات الدينية، حيال ردود الفعل العربية في مختلف العواصم على الحرب التي اعلنتها اميركا وحلفاؤها على دولة طالبانِ فقد توقع الكثير من المراقبين قيام مظاهرات واعتصامات، واعمال عنف احتجاجية في الكثير من الدول الاسلامية، والعربية منها بالذاتِ وبعد مرور عدة اسابيع على تلك الحرب، كانت النتيجة غير متوقعة للكثيرين، خصوصا لغير المدركين لطبيعة الشارع العربي، وما ناله من احباط سياسي ومعنوي طوال السنوات الخمسين الماضية، فقد خرجت مظاهرتا احتجاج فقط عربيتان في الاسبوع الاول من اعلان الحربِ وثلاث في الاسبوع الثاني واثنتان في الاسبوع الثالث، ومثلهما في الاسبوع الرابع ولا شيء في الاسبوع الخامسِِ وحتى يومنا هذا!
هذا ما يبين مدى الارهاب الفكري الذي تمارسه الاقلية المتمثلة في الاحزاب الدينية في اكثر من بلد عربي، وما تقوم بترويجه من اوهام تتعلق بقوة قواعدها، ومدى سيطرتها على الجماهير، مما يذكرنا ايضا بذلك التهديد الذي سبق ان اطلقه الوكيل المحلي لشركة 'بروكتور أند كامبل' الاميركية التي قامت بسحب اعلاناتها التجارية مؤخرا من تلفزيون ابوظبي، احتجاجا على بث مسلسل 'شارونيات'، ذلك التهديد الذي توعد فيه حكومة ودولة الكويت بتسيير مظاهرات من الجهراء الى الكويت يبين فيها مدى نفوذ وقوة وسطوة حزبه السياسي واتساع قاعدته الجماهيرية!
ان غالبية شعوب العالم، والشعوب العربية والاسلامية لا تختلف عنها كثيرا، لا تميل بأي شكل من الاشكال لذلك العنف الدموي الذي تدعو له تلك الاحزاب، ولا توافق على مضامين خطاباتها السياسية بأي شكل من الاشكال.
وعليه، فان على الحكومة التحرك الآن وبسرعة لانهاء النفوذ المادي والسياسي غير القانوني للاحزاب الدينية والسياسية وتقطيع اوصال ذلك الاخطبوط المتطرف الذي أمتد لكل مناحي الحياة وانشطة الدولة، بحيث اصبحنا نرى حزبيا متعصبا اينما ولينا وجوهنا، كما اصبحنا نرى تكاثرهم من حولنا كالفطر البري بعد ان عرفت الدهماء، والمنافقون منهم بالذات وهم بالآلاف، ما يمكن ان يعود عليها من خير وبركة بمجرد نشر، ولو اشاعة، تفيد بانتمائهم لهذا الحزب الديني او لتلك الحركة السلفية.
فهل نجد من يمتلك اذنا صاغية وعيونا مفتحة في حكومتنا؟.
أحمد الصراف