أميركا والصحة
قيام كلب بعض رجل ليس خبرا، ولكن العكس هو الخبرِ وقياسا على ذلك، ومع الفارق، ليس خبرا ان نقول ان الشعب الكويتي ممتن للشعب الاميركي، ولكن الخبر ان نقول ان الشعب الكويتي لا يحب الشعب الاميركي ويبغض حكوماته!!
* * *
قامت شبكة 'سي بي اس' الاميركية واسعة الانتشار، وضمن برنامج 'ستين دقيقة'، الذي يعتبر من انجح برامجها واكثرها شعبية، ويبث لاكثر من مرة في اوقات الذروة، بتصوير شريط عن الكويت بمناسبة الاحداث الاخيرة في الولايات المتحدة وافغانستان، وقام مقدم البرنامج، مايك والاس، باجراء العديد من المقابلات مع مختلف الشخصيات السياسية ورواد الديوانيات وبعض الطلبةِ وقامت المحطة الشهيرة عند اجراء المونتاج بحذف كل التعليقات والاجوبة التي كانت في صالح العلاقات الطيبة والمميزة مع شعب وحكومة الولايات المتحدة وما يشعر به الكويتيون عموما من امتنان وتقدير كبيرين لدور تلك الدولة في إعادة وطننا وكرامتنا المهدورة لنا، وقامت بدلا من ذلك بالتركيز على الاجوبة السلبية سواء تلك التي صدرت عن بعض طلبة الجامعة الذين غاب عنهم الكثير من الامور، ولا حرج عليهم في ذلك، او تلك الاجوبة والتعليقات المهينة لنا ولدولة عظمى كالولايات المتحدة، التي صدرت من البعض ممن لا يمكن 'الشرهة' عليهم للكثير من الاسباب، خاصة تلك التي صدرت عن النائب ناصر الصانع.
ذكر السيد الصانع في مقاله الذي رد فيه على السيد احمد بشارة بأن كونه رئيسا للجنة الصداقة الكويتية - الاميركية البرلمانية يجب ان لا يمنعه من ان يكون صادقا مع حكومة وشعب الولايات المتحدةِ وعليه من حقنا عليه ان نكون صادقين معه ونقول له إن ما ذكره في تلك المقابلة كان مؤلما، كما ان اجاباته وتعليقاته افتقدت المنطق، خاصة عندما تساءل عن سبب قيام الولايات المتحدة بضرب افغانستان من اجل القضاء على شخص واحد!، ولكنه فشل في اقتراح الاجراء البديل الذي كان على الولايات المتحدة اتخاذه بعد وقوع احداث الحادي عشر من سبتمبر وهل كان عليها مثلا الانتظار وتلقي صفعة أخرى؟ وهل غاب عنه أن حكومة الولايات المتحدة استنفدت كل السبل في اقناع حكومة طالبان بضرورة تسليم بن لادن لها او لاي دولة محايدة اخرى لمحاكمته؟ وألم تعطهم الفرصة تلو الاخرى للخروج من المأزق الذي وضعتهم فيه قيادة القاعدة؟
كما ذكر السيد الصانع في معرض رده على ما ذكره مقدم البرنامج عن وجود القوات الاميركية على ارض الكويت لحمايتها وما كان لها من دور في تحرير الكويت وما ستفعله الكويت لو قررت تلك القوات الانسحاب من المنطقة، فرد بجملة امتلأت بالكثير من نكران الجميل في وصف علاقتنا بتلك القوة العظمى عندما قال، ان وجود قوات تلك الدولة ما هو الا طبقا لاتفاقيات! وهذا يعني ببساطة شديدة بان هذه القوات قوات مرتزقة وهي موجودة بموجب اتفاقيات ولا فضل لاميركا بالتالي علينا!!.
كما ذكر في البرنامج بانه يبغض الحياة الغربية بسبب ما تعانيه مجتمعات تلك الدول من انحلال وتفسخ وانتشار للجريمة وغياب القيم العائلية بسبب الزيادة الهائلة في عدد الاسر المكونة من اب او ام فقط وما يعنيه هذا من زيادة عدد الابناء غير الشرعيين في تلك الدول ومنها اميركا، وعندما لفت مقدم البرنامج نظره لما تضمنه كلامه من تناقض، حيث انه سبق وان درس في الولايات المتحدة كما ان احد ابنائه يقوم حاليا بالدراسة في احدى جامعاتها، قال السيد الصانع، 'لا فض فوه' بأنه فعل ذلك لان مستوى الجامعات الاميركية رفيع!! ولا ادري حقيقة كيف يمكن ان تخرج بيئة ومجتمعا منحلا ومتفسخا وتنتشر فيهما الرذيلة والمخدرات وابناء الحرام جامعات جيدة!!
واذا كان المجتمع الاميركي على هذه الحالة من الانحلال والتفسخ فلم إذا يصر السيد النائب وهو المتدين الملتزم والذي ينتمي لاحد اكثر الاحزاب السياسية الدينية تشددا، على رئاسة لجنة برلمانية تهتم بالصداقة مع شعب لا يحترمه ولا يحبه؟؟
اننا لا نود التطرق للظروف التي جعلت السيد الصانع يقوم بالقاء كلمته في مؤتمر الطائف اثناء فترة الاحتلال، وهو الحدث الذي لم يكن ليتم لولا ذلك الدعم الذي لقيه من قوى الردة والتخلف واصرارها على فرضه على اجندة المؤتمر، لكن بودنا أن نتساءل عما ستكون عليه ردوده لو قام مقدم البرنامج نفسه بمقابلته في تلك الايام السوداء وسؤاله عما هو على استعداد لفعله وتقديمه وبذله وقوله لشعب وحكومة الولايات المتحدة مقابل قيامها بتحرير بلاده وعودة نفوذه وماله وحزبه ومناصبه اليه؟.
لو كان الامر يتعلق بسداد دين سابق علينا لحكومة وشعب الولايات المتحدة وقمنا بسداده كاملا او ناقصا فلا اعتقد ان هناك حرجا علينا ان نسينا ما لهم من فضل علينا ولهان الامر كثيرا، فالجحود من شيم الكثير من ابناء هذه الامة، لكن الغريب ان نتكلم بغطرسة ونتصرف بصلف غريب وكأن الجغرافيا قد تغيرت واصبح وطننا على سواحل ماليزيا او تمبكتو او ان صدام قد شبع موتا وان اطماع العراق قد اصبحت تاريخا لا يود احد تذكرهِ ولكننا نعلم ويعلم النائب الصانع اكثر من غيره بأن مصير هذا الشعب وهذا الوطن وكل ما يتعلق بوجوده وكيانه لا يزال مرتبطا بالقوة الوحيدة القادرة على حمايته وصونه من جار السوءِ اننا لا نطالب هنا بأن نطأطئ رؤوسنا لاحد ولكن من شيم الاحرار، نساء ورجالا، ان لا ينسوا المعروف وان يقفوا مع الصديق وقت الضيق او على الاقل ان يترفعوا عن اهانته بسبب وبغير سبب!
ان اميركا بالنسبة لنا كالصحة والعافية لا يمكن ان نعرف قيمتها الا عندما نفقدها!
* * *
ملاحظة:
اكتفى النائب الصانع في معرض رده على السيد احمد بشارة بمخاطبته بلقب 'السيد'، وهو لقب وقور ولائق وجميل ولاغبار عليهِ ولكنه لم يتردد، وبتواضعه المعروف، من ان يخص نفسه وفي المقال نفسه بلقب 'الدكتور'!!!